قال ابن عباس :
يجعل صدره ضيقا حرجا ، إذا سمع ذكر الله اشمأزّ قلبه ، وإن ذكر شيء من عبادة
الأصنام ارتاح إلى ذلك.
ولما كان القلب
محلا للمعرفة والعلم والمحبة والإنابة ، وكانت هذه الأشياء إنما تدخل في القلب إذا
اتسع لها ، فإذا أراد الله هداية عبد وسّع صدره وشرحه ، فدخلت فيه وسكنته ، وإذا
أراد ضلاله ضيّق صدره وأحرجه ، فلم يجد محلا يدخل فيه ، فيعدل عنه ولا يساكنه.
وكلّ إناء فارغ إذا دخل فيه الشيء ضاق به ، وكلما أفرغت فيه الشيء ضاق إلا القلب
اللين ، فكلما أفرغ فيه الإيمان والعلم اتسع وانفسخ ، وهذا من آيات قدرة الرب
تعالى.
وفي الترمذي وغيره
عن النبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم : «إذا دخل النور القلب ، انفسخ وانشرح ،
قالوا : فما علامة ذلك يا رسول الله؟ قال : الإنابة إلى دار الخلود ، والتجافي عن
دار الغرور ، والاستعداد للموت قبل نزوله» .
فشرح الصدر من
أعظم أسباب الهدى ، وتضييقه من أسباب الضلال ، كما أن شرحه من أجلّ النعم ،
وتضييقه من أعظم النقم ، فالمؤمن منشرح الصدر منفسحه في هذه الدار ، على ما ناله
من مكروهها ، وإذا قوي الإيمان وخالطت بشاشته القلوب ، كان على مكارهها أشرح صدرا
منه على شهواتها ومحابها ، فإذا فارقها ، كان انفساح روحه والشرح الحاصل له
بفراقها أعظم بكثير ، كحال من خرج من سجن ضيق إلى فضاء واسع موافق له ، فإنها سجن
المؤمن ، فإذا بعثه الله يوم القيامة ، رأى من انشراح صدره وسعته
__________________