صنف قليل النفع
كبير الجسم ، وبينها وبين العسّالة حرب ، فهي تقصدها وتغتالها ، وتفتح عليها
بيوتها وتقصد هلاكها. والعسّالة شديدة التيقظ والتحفظ منها ، فإذا هجمت عليها في
بيوتها ، حاولتها وألجأتها إلى أبواب البيوت فتتلطخ بالعسل ، فلا تقدر على الطيران
، ولا يفلت منها إلا كلّ طويل العمر ، فإذا انقضت الحرب وبرد القتال ، عادت إلى
القتلى ، فحملتها وألقتها خارج الخلية.
وقد ذكرنا أنّ
الملك لا يخرج إلا في الأحايين ، وإذا خرج خرج في جموع من الفراخ والشبان ، وإذا
عزم على الخروج ظل قبل ذلك اليوم أو يومين يعلم الفراخ ، وينزلها منازلها ،
ويرتبها ، فيخرج ويخرجن معه على ترتيب ونظام قد دبّره معهن ، لا يخرجن عنه ، وإذا
تولدت عنده ذكران ، عرف أنهن يتطلبن الملك ، فيجعل كل واحد منهم على طائفة من
الفراخ ، ولا يقتل ملك منها ملكا آخر ، لما في ذلك من فساد الرعية وهلاكها وتفرقها
، وإذا رأى صاحب الخلية الملوك قد كثرت في الخلية ، وخاف من تفرّق النحل بسببهم ،
احتال عليهم ، وأخذ الملوك كلها إلا واحدا ، ويحبس الباقي عنده في إناء ، ويدع
عندهم من العسل ما يكفيهم ، حتى إذا حدث بالملك المنصوب حدث مرض أو موت ، أو كان
مفسدا ، فقتلته النحل ، أخذ من هؤلاء المحبوسين واحدا ، وجعله مكانه ، لئلا يبقى
النحل بلا ملك ، فيتشتت أمرها.
ومن عجيب أمرها
أنّ الملك إذا خرج متنزها ومعه الأمراء والجنود ، ربما لحقه إعياء فتحمله الفراخ.
وفي النحل كرام عمال ، لها سعي وهمّة واجتهاد ، وفيها لئام كسالى قليلة النفع
مؤثرة للبطالة ، فالكرام دائما تطردها وتنفيها عن الخلية ، ولا تساكنها خشية أن
تعدي كرامها وتفسدها.
والنحل من ألطف
الحيوان وأنقاه ، ولذلك لا تلقي زبلها إلا حين تطير ،