قوله : الحس لا يعطي الحكم الكلي ، قلنا : هذا حق ، والأولى عندنا الاعتماد على البرهان المذكور.
الوجه الثاني (١) أن نقول : العالم ممكن وكل ممكن محدث فالعالم محدث ، والصغرى سيأتي في باب الوحدانية ، وبيان الكبرى أن المؤثر إما أن يؤثر حال البقاء وهو محال وإلّا لكان تحصيلا للحاصل ، أو حال العدم أو الحدوث ، وكيف كان حصل المطلوب ، والقسم الأول من المنفصلة مشكل.
واحتج القائلون بالقدم بوجوه (٢) :
أقواها : أن كل ما يتوقف عليه الإيجاد إن كان أزليا كان العالم أزليا ، والّا لكان حدوثه في وقت دون آخر إن توقف على أمر كان ما فرضناه أزليا ليس بأزلي ، وإن كان لا لأمر ترجّح الممكن لا لمرجح ، وإن كان حادثا تسلسل.
الثاني : لو كان العالم حادثا لتقدم الباري تعالى عليه ، فإما أن يتقدم عليه بأوقات متناهية فيكون الباري تعالى حادثا ، أو بأوقات غير متناهية فيلزم قدم الزمان وتوقف العالم على ما لا يتناهى ، وكل هذا حظرتموه.
الثالث : الزمان قديم فالعالم قديم ، بيان الأول إنه لو كان حادثا لكان حدوثه بعد عدمه بعدية زمانية فيكون الزمان موجودا قبل وجوده هذا خلف وبيان الشرطية إن الزمان مقدار الحركة على ما يأتي والحركة عرض تفتقر الى الجسم فيكون الجسم قديما.
الرابع : المادة قديمة فالعالم قديم ، بيان الأول : إن كل ممكن على الإطلاق فإمكانه زائد على ذاته إذ هو نسبة لوجوده إليه وهو عرض لأن النسب أعراض
__________________
(١) هذا هو الوجه الثاني من الوجهين القائمين على حدوث العالم ، وقد ذكر الوجه الاول قبل صفحات.
(٢) جاءت بعض هذه الحجج في : شرح الاشارات ج ٣ ص ١٣١ فراجع.