والجواب الحق : إن الضوء يحدث في البيت حال مقابلة فتحة للشمس دفعة واحدة من غير أن يسري فيه شعاع ، وهؤلاء إنما أقدموا على هذا الجهل بسبب ظنّهم أن الشعاع جسم ، ونحن سنتحقق خطأهم في هذا.
وذهب ذيمقراطيس وأتباعه (١) الى أن الأجسام المنقسمة بالفعل متكثرة بالفعل وينتهي الى أجسام صغار تقبل الانقسام الوهمي دون الانفكاكي ، وذلك لأنّه لمّا رأى حجة المتكلمين على تركيبها (٢) من المتناهية اعترف بها ، ورأى حجة الاوائل على قبولها للانقسام الغير المتناهي اذعن لها ، ظانّا انه قد (٣) اصاب التحقيق ، وبئس ما ظنّ خصوصا وعنده أن الأجزاء متفقة في الحقيقة متخالفة في الأشكال ، فاذن يلزمها لازم متفق وهو إما الانقسام الانفكاكي أو عدمه ، والثاني فاسد والّا لما انقسمت فإذن الأول حق.
وذهب الأوائل الى أن الجسم لفظ مشترك بين معنيين : أحدهما الكم المتصل القار الذات المنقسم في الجهات الثلاث وهو الجسم التعليمي (٤) وهو عرض. الثاني : الجسم الطبيعي وهو الجوهر القابل للأبعاد الثلاثة اعني الطول والعرض والعمق وهو محل للأول ، ويعنون الجوهر غير ما يعني به المتكلمون وسيأتي بيان مرادهم منه ، وهذا عندهم مركب من الهيولى (٥) وهي الجوهر القابل ومن الصورة
__________________
(١) الف وج : تبّاعه.
(٢) ج : تركبها.
(٣) ب : كلمة قد ساقطة.
(٤) الجسم التعليمي هو الذي يقبل الانقسام طولا وعرضا وعمقا ونهاية السطح وهو نهاية الجسم الطبيعي ويسمى جسما تعليميا اذ يبحث عنه في العلوم التعليمية اي الرياضية الباحثة عن احوال الكم المتصل والمنفصل. (الجرجاني ، التعريفات ص ١٠٨).
(٥) «الهيولى» لفظ يوناني بمعنى الاصل والمادة ، وفي الاصطلاح هي جوهر في الجسم قابل لما يعرض لذلك الجسم من الاتصال والانفصال محل للصورتين الجسمية والنوعية. (التعريفات ص ٣١٤).