الثاني : أن المدح والذم [دائمان فيكون الثواب والعقاب كذلك ، بيان الشرطية ان المدح والذم (١)] معلولا للطاعة والمعصية وهما لا شك في دوامهما فالعلتان كالدائمتين فالمعلولان الآخران أعني الثواب والعقاب دائمان.
الثالث : أن التفضل الدائم قد يستحسن ، فلو لم يستحق الثواب على الدوام لكان التفضل الدائم آثر عند العقلاء من الثواب المنقطع فكان لا يحسن التكليف تعريضا له ، بل الاولى أن يكون قبيحا ، لأن وجه حسن التكليف هو أنه تعريض لمنافع لا طريق إليها الا التكليف فلو كان طريق الى ما فوقه لكان التكليف قبيحا.
اعترضت المرجئة على الأول ، بأن العلم بجهة الحسن لا يقتضي الوجوب لجواز اشتماله على نوع مفسدة ، وقد مضى هذا.
وعلى الثاني ، أنه كما قد يحصل الحسن والقبح الموجبان للمدح والذم ولا يحصل الثواب والعقاب كما في حق الله تعالى ، فلم لا يجوز حصول الحسن والقبح الموجبان للمدح والذم ولا يحصل دوام الثواب والعقاب في حق العبيد؟
وعلى الثالث ، أنه قد يحسن التكليف ، لأن للنفع المستحق مزيّة على المتفضل به فجاز أن يختار المكلف التكليف لتلك المزيّة وقد يمكن الجواب عن هذه.
__________________
(١) الف : ما بين المعقوفين ساقط.