البحث الثامن
في الكرامات
ذهب جمهور المعتزلة الى المنع من ذلك عدا أبا الحسين البصري ، وجمهور الأشاعرة على الجواز عدا أبا إسحاق وهو مذهب الأوائل أيضا (١).
ويدل على ذلك ما ظهر من الكرامة على يد مريم عليهاالسلام وأصحاب الكهف.
واحتج المانعون بأنه لو جاز ظهورها على يد الصالحين لجاز ظهورها على يد كل صالح ، وذلك يخرجها عن الإعجاز ويصيرها في حكم الكثيرة (٢).
ولأن ظهور المعجزة على غير النبي ينفر عن النبي ، لأن المعجز هو السبب في الانقياد الى طاعتهم ، فإذا ظهر على من لا يجب طاعته هان موقعه.
ولأنه لا يبقى فيه دلالة على النبوة ، لأنا نجوز أن يكون المدعي للنبوة ليس بنبي وإن أظهر المعجزة لجواز أن يكون صالحا.
ولأنه لو جاز ظهور المعجزة على غير نبيّ لغرض غير التصديق في النبوة لانسد باب الاستدلال بالمعجز ، على أنه تعالى خلقه لأجل التصديق لا غير.
والجواب إنما يجب ظهورها على يد الصالحين بشرط أن لا يبلغ حد الكثرة كما في حق المعجز على يد الأنبياء ، وإذا ظهر المعجز على يد الصالح الداعي الى دين المتقدم له (٣) لم يهن موقع المعجز ، وإنما نجوزه على يد الصالح ما دام متصفا بهذا
__________________
(١) انظر عن اختلاف الأقوال في ذلك الى : الايجي ، المواقف ص ٣٧٠.
(٢) ب : الكثرة.
(٣) ب : النبي المتقدم.