الأول
الفعل على ضربين : إما أن يكون له وصف زائد على حدوثه ، وإما أن لا يكون ، والثاني كحركة النائم والساهي ، والأول على ضربين : حسن وقبيح ، والحسن على ضربين : أحدهما أن لا يكون له وصف زائد على حسنه وهو المباح ، والثاني ان يكون له وصف زائد عليه وهو على قسمين : أحدهما أن يكون المدح متعلقا بفعله من غير ذم في تركه وهو المندوب ، والثاني أن يكون المدح متعلقا بفعله والذم بتركه وهو الواجب ، والقبيح هو الحرام وهو الذي يستحق فاعله الذم.
اذا عرفت هذا ، فنقول : ذهبت المعتزلة الى أن الأفعال حسنت لوجوه تقع عليها وقبحت لوجوه تقع عليها من غير ان يكون للآمر والناهي في ذلك مدخل.
وعنوا بالوجوه اقتران أمور راجعة الى النفي أو الى الثبوت بحدوثها ، فيقضي العقل عند العلم بتلك الوجوه أن للفعل مدخلا في الذم او لا مدخل له وكذلك في الإخلال.
وذهبت الأشاعرة الى أن الأفعال انما حسنت بأوامر الشرع وانما قبحت بنواهيه (١).
__________________
(١) هذه المسألة من مهام مسائل علم الكلام ، ومن المسائل الرئيسية التي اختلف فيها اهل العدل من الشيعة والمعتزلة من جهة وأهل السنة والمجبرة والاشاعرة من جهة اخرى ، وبنوا عليها اكثر مسائل العدل في علم الكلام.
وقد ذكر ابن ميثم البحراني في تحرير محل النزاع كلاما جيدا ننقله هنا : «الحسن والقبيح قد يراد بهما ملائمة الطبع ومنافرته ، وقد يراد بهما صفة كمال او نقصان ، وهما بهذا المعنى مما يحكم العقل بهما عند الكل ، وقد يراد بهما كون الفعل على وجه يكون متعلق المدح والذم عاجلا والثواب والعقاب آجلا ، وهما بهذا المعنى شرعيان عند الاشعرية نظريان عند الفلاسفة ...