الأول
في أنه تعالى غير مركب
مقدمة : كل حقيقة مركبة فانها تلتئم عن عدة أمور ويكون وجودها إنما يتم بوجود تلك الأمور ، فوجود الجزء سابق على وجود الكل والذهني أيضا مطابق للخارج فللجزء في الذهن التقدم ، ثم إن تصور التقدم مغاير لتقدم التصور وكلاهما حاصل للجزء ، والتركيب قد يكون خارجيا وقد يكون ذهنيّا ، فإن أجناس الماهية إنما تتميز عن فصولها في الذهني أما في الخارج فهي متحدة فليس في الخارج حيوان مطلق وناطق وانضم منهما معنى ثالث هو الانسان ، بل وجود الإنسان هو وجود الحيوان الذي ذلك الحيوان هو الناطق.
وتحرير هذا الموضع ذكرناه في كتاب الأسرار (١).
وأجزاء الماهية قد يكون بعضها أعم من بعض ، إما مطلقا كالحيوان والناطق ، أو من وجه كالحيوان والأبيض ، وقد لا يكون كتركيب العلة والمعلول في الذهن.
اذا عرفت هذا فنقول : كل مركب فهو مفتقر الى جزئه (٢) وجزئه غيره وواجب الوجود لا يفتقر الى غيره ، ومن هاهنا يظهر أن الوجود نفس الماهية في حقه تعالى ، وبهذا (٣) يندفع أيضا قول من تشكك هاهنا بأنه يحتمل أن يكون واجب الوجود مركبا من اجزاء واجبة فلا يفتقر الى غير اجزائه.
__________________
(١) سبق منا التعريف بكتاب الاسرار الخفية في العلوم العقلية.
(٢) ب : اجزائه.
(٣) ج : وهذا.