البحث الثاني عشر
في كونه تعالى صادقا
المسلمون اتفقوا على ذلك وأدلّتهم مختلفة ، أما طريقة المعتزلة في أن الكذب قبيح وهو على الله تعالى محال لما يأتي.
واما الاشاعرة فلهم في ذلك طريقان :
الأولى (١) : أن الكذب نقص وهو على الله محال.
الثاني : أن كلامه تعالى نفساني فيستحيل (٢) الكذب في كلام النفس على من يستحيل عليه الجهل ، إذ الخبر يقوم به النفس على وفق العلم والجهل.
واستحدث لهم طريقتان أخريان :
إحداهما : أن الرسول عليهالسلام أخبر عن صدقه والرسول صادق.
الثانية : أنه إن كان كاذبا بكذب محدث لزم قيام الحوادث به هذا خلف ، وإن كان كاذبا بكذب قديم لزم استحالة صدقه ، لأن القديم لا يزول واللازم باطل قطعا ، لأن كل من كان قادرا على الكذب فهو قادر على الصدق ، فإن من قدر على أن يقول : العالم ليس بمحدث ، كان قادرا على أن يقول : العالم محدث ، لأن القادر على مجموع قادر على أفراده.
والحق طريقة المعتزلة وحجج الأشاعرة مدخولة.
اما الأولى ، فلأن الحكم بكون الكذب نقصان إن كان عقليا فهو خلاف مذهبهم ورجوع الى طريقة المعتزلة ، وإن كان سميعا لزم الدور.
وأما الثانية ، فلا نسلم استحالة قيام الكذب لمن يستحيل عليه الجهل.
__________________
(١) ج : الطريقة الاولى.
(٢) ج : ويستحيل.