زائد في الاعتبار ، أما في الخارج فلا ، لأن المعدوم قد يتصف بالاستمرار ، فإنا كما نعقل مقارنة الوجود لزمانين كذلك نعقله في العدم ، ولو كان صفة ثبوتية لزم اتصاف المعدوم بالصفة الثبوتية هذا خلف.
واعلم أن بعض المعاني المعقولة قد يعرض لبعضها البقاء الذي هو الاستمرار بهذه المثابة ، فإنه قد يعقل الذهن له بقاء آخر وينتهي بانقطاع الاعتبار العقلي ، وأثبت أبو الحسين البقاء صفة لله تعالى قديمة قائمة به ، ونفاه القاضي وجماهير المعتزلة ، وأثبت الكعبي البقاء شاهدا ونفاه غائبا (١).
واحتج المثبتون له بأن الذات لم تكن باقية ثم صارت باقية ، فتجدد البقاء مع عدم تجدد الذات دال على الزيادة ، وهو ضعيف ، فإنه يدل على الزيادة الاعتبارية لا على الخارجية ، ونوقضوا بالحدوث فإن الذات لم تكن حادثة ثم تصير حادثة.
وأيضا المعاد لم يكن معادا ثم صار معادا ، فيلزم أن يكون كون ذاته (٢) معادة زائدا عليها ، وقد التزم به القاضي من الأشاعرة ، فقد ظهر من هذا أن الله تعالى باق لذاته.
وأيضا فإنه لو كان باقيا بالبقاء لكان ممكنا من حيث افتقاره في وجوه الى تلك الصفة.
وأيضا إن قام البقاء بذاته تعالى لزم احتياجه إليه ، فيستحيل احتياج الله تعالى الى تلك الصفة والّا جاء الدور والّا لزم وجود صفة لموصوف غير قائمة به
__________________
(١) قال الرازي : ذهب ابو الحسن الاشعري واتباعه الى ان الله تعالى باق ببقاء يقوم به ، وذهب القاضي وامام الحرمين الى نفيه وهو الحق (محصل افكار المتقدمين والمتاخرين ص ٢٥٢) وقال المحقق الطوسي في تعليقته على ذلك : وهاهنا مذهب آخر وهو يقول بثبوت البقاء في الممكنات ونفيه عنه تعالى وبه قال الكعبي واتباعه (ص ٢٥٣).
(٢) ب : الذات.