وأجابوا بأنّ كون الشيء حسنا في نفسه لا مدخل له في أن يقصده القاصد ، بل لا بد وأن يكون فعل ذلك الحسن في نفس الأمر مما يفيد الفاعل حسنا ما ، فيكون مستفيدا للكمال من الغير.
ولأن إرادته إما أن يكون قديمة أو حادثة ، والقسمان باطلان.
أما الأول ، فلأن القصد إلى الإيجاد إنما يتحقق حال حصول الإيجاد ، أما قبله فيكون عزما ، ولأن عند حصول المراد لا تبقى الإرادة وإلّا لزم إرادة إيجاد الموجود وهو محال ، ولأن الإرادة المتعلقة بالحصول في وقت معين استحال تغيرها لكونها قديمة فيستحيل أن يقع ذلك الفعل إلّا في ذلك الوقت المعين فيكون الله تعالى موجبا.
وأما الثاني ، فلأنّه يلزم منه التسلسل ، ويلزم أن يكون محلا للحوادث.
والجواب عن الأول أن القادر يفعل أحد المقدورين لا لمرجح كما مثلناه من العطشان والجائع.
وأيضا ما معنى الاستكمال ، إن عنيتم به أنه لو لم يفعل الفعل لم يحصل ما هو الأولى وعند فعله حصل ما هو الأولى ، فهو مسلم ولا استحالة في ذلك والأولوية ليست من الصفات الحقيقية لله تعالى.
وإن عنيتم شيئا آخر فاذكروه ، وهذا جواب حسن ، والأول يسد باب إثبات الإرادة رأسا.
وعن الثاني أن الإرادة إن قلنا بزيادتها قلنا هي قديمة ، قوله : إنها قبل الفعل عزم ، قلنا : نزاع في اللفظ ، قوله : عند حصول المراد ينتفي الإرادة ، قلنا : ممنوع بل الذي يعدم هو التعلق ، قوله : يلزم أن يكون موجبا ، قلنا : مرّ الجواب ، على أن الحق أن الإرادة ليست بزائدة على الداعي ويندفع بهذا جميع شبهاتهم.
مسألة : الحق عندي أن الإرادة ليست زائدة على الداعي في حق الله تعالى ،