والدليل على كونه تعالى مريدا تخصيص أفعاله بالوقوع في وقت دون آخر ، مع أن نسبة الفعل والقدرة الى الأوقات على السوية ، فلا بد من زائد هو الإرادة ، وأيضا قد ثبت انه فاعل مختار فيكون نسبة المقدورين إليه على السوية فلا بد من مخصص لأحدهما زائد على القدرة هو الإرادة. قال فخر الدين : وهي غير العلم (١) ، لأنه تابع للوقوع فلا يكون علة في الوقوع.
ونحن نقول : إن عنيت أنها غير العلم بالوقوع فهو حق ، وذلك شيء لم يقل به أحد فيما أحسب ، وإن عنيت أنها غير العلم باشتمال الفعل على المصلحة فهو ممنوع ولا نسلم تبعيته للوقوع ، وقد انهدم بهذا القول قاعدته المشهورة في خلق الأعمال.
وأيضا فإنه تعالى أمر ونهى هما دليلان على الإرادة والكراهة.
فإن قيل : يحتمل أن يكون المخصص هو الحركات الفلكية ، سلّمنا فلم لا يكون المخصص هو القدرة؟.
قوله : القدرة لا تؤثر في التخصص بل في الإيجاد وهو متساوي النسب الى الأوقات.
قلنا : الإرادة أيضا تأثيرها التخصص (٢) وهو تساوي النسب ، فإن أحوج تساوي النسب في القدرة الى زائد هو الإرادة ، أحوج في (٣) الإرادة الى زائد ويتسلسل.
سؤال : يجوز أن يكون الإرادة شأنها التخصص (٤) في وقت معين فيستغني عن زائد بخلاف القدرة.
__________________
(١) انظر عن الاقوال في تفسير الإرادة الى : الايجي ، المواقف ص ٢٩١.
(٢) ج : التخصيص.
(٣) الف : الى.
(٤) ج : التخصيص.