البحث السادس
في أنّه تعالى حيّ
وهذا حكم متفق عليه ، والخلاف إنما وقع في معناه ، فقال الأوائل وأبو الحسين البصري وأبو القاسم الكعبي ومحمود الخوارزمي : أن معناه هو أنه لا يستحيل أن يقدر ويعلم ولم يثبتوا له صفة زائدة على ذلك ثبوتية.
وذهبت الأشاعرة وجماعة من المعتزلة الى إثبات صفة لأجلها يصح أن يعلم ويقدر (١).
والحق هو الأوّل ، وسيأتي إبطال الثاني ، واعلم أن على تفسيرنا الحي يظهر بأدنى سرعة أنه تعالى حي لأنّه قادر عالم.
والمثبتون للصفة قالوا : إنه تعالى قادر عالم فلا بد له من صفة تخصصه بذلك وإلا لما كان صحة أن يعلم ويقدر أولى من هذه الصحة.
والجواب : مستند الصحة هو الذات ، وعند الأوائل أن الحي هو الدّراك الفعّال ، وهذان الوصفان ثابتان له تعالى ، وهذا الكلام قريب مما ذكرناه.
قال فخر الدين اعتراضا على أبي الحسين (٢) : إذا كان الحي هو الذي
__________________
(١) وقد نسب الايجي هذا القول الى الجمهور كما نسب القول الاول الى الحكماء وابي الحسين البصري ، وقال في الختام ـ وهو من الاشاعرة ـ الحق ان ذاته تعالى مخالفة بالحقيقة لسائر الذوات فقد يقتضي الاختصاص بامر وليس جعل ذلك علة صحة العلم اولى من جعلها نفس صحة العلم فمن اراد اثبات زيادة فعلية بالدليل (الايجي المواقف ص ٢٩٠).
(٢) راجع : الرازي ، محصل افكار المتقدمين والمتاخرين ص ٢٤٣.