يكون إدراكا للمنافي.
هل للألم سبب آخر غير تفريق الاتصال؟ جزم جالينوس بنفيه ، والشيخ زعم أن سوء المزاج سبب له فان عناصر الحيوان يقتضي كل واحد منها كيفية مخالفة لكيفية الآخر ، فما دام الاتصال موجودا يكون الانكسار حاصلا ويتم الاعتدال ، فاذا تفرقت بقيت طبيعة كل واحد منها خالية عن المعاوق فيقع الإحساس بالمنافي فيوجد الألم.
مسألة : لما كان الألم عندنا عبارة عن إدراك المنافي أو ما يلازمه هذا المعنى لم يصح وجوده الّا في الحيّ.
وأبو هاشم جوّز وجوده في الجماد (١) ، واستدل بأن الألم لا يوجب حكما للحيّ وكلما كان كذلك كفى في وجوده مجرد المحل.
أما الصغرى فلأنه لو أوجب حكما للحيّ كما يقولون في العلم والإرادة لوجب كونه ألما عند وجود ذلك المعنى فيه على كل حال وإن لم يدركه كما يجب ذلك في الإرادة والاعتقاد ، والتالي باطل فالمقدم مثله.
وأما الكبرى فادعوا فيه الظهور ، فإن الحرارة والبرودة وغيرها لما لم توجب أحوالا للجملة صح وجودها في كل محل ، والحجة لا يخفى ضعفها والمطلوب ظاهر الإحالة.
مسألة : ذهب بعض المعتزلة الى أن الآلام غير باقية ، وهو مذهب السيد المرتضى (٢) ، واستدل بأنها لو كانت باقية لما انتفت عن المحل القابل لها الّا بضد والتالي باطل بالوجدان فالمقدم مثله والملازمة عندهم ظاهرة.
وهي عندنا فاسدة.
__________________
(١) نقل ذلك عنه السيد المرتضى أيضا في : الذخيرة ص ٢١٤.
(٢) كما جاء ذلك في : الذخيرة ص ٢١٥.