الدور.
اقول : وهذا ضعيف ، فإن المغايرة ليست مقتضية للعلم ولكن العلم متوقف عليها توقف المشروط على الشرط ، فلو توقفت المغايرة على العلم توقف المعلول على العلة لزم الدور ، وأما اذا جعلنا العلم عبارة عن حصول الصورة فقد اتفق المحققون منهم على أنه لا احتياج الى صورة زائدة ، بل الصورة العاقلة لنفسها انما تعقل نفسها بنفسها ، وهذا يلزم منه إضافة الشيء الى نفسه.
أجاب الرئيس (١) بأن العاقل هو الذي يحضر عنده المجرد ، وهو صادق على ما يكون المجرد فيه هو نفس العاقل او غيره ولا يلزم من كذب الخاص كذب العام ، وأيضا التشخص زائد على الماهيّة فالعاقل هو المجموع والمعقول هو الماهية.
وردّ في الأول (٢) بأن العموم في اللفظ والعقل لا يقتضي صحة وجود العام بدون الخاص في نفس الأمر ، كما أن قولنا : هذا الشيء علّة أعم من كونه علة له أو لغيره في التصور واللفظ مع أنه يستحيل وجود العام في أخصيه معا في نفس الأمر.
وفي الثاني بأنه غير محل النزاع ، فان البحث في علم الانسان بنفسه لا في علمه باحد جزئه ، ويلزم القائلين بالإضافة ان لا يكون المعدوم معلوما وان لا يكون شيء من الادراكات جهلا.
مسألة : ذهب قوم من الأوائل الى أن التعقل يستدعي الاتحاد مع المعقول ، وهو خطأ (٣) ، فإن المتحدين إن بقيا فهما اثنان وإن عدما أو عدم احدهما فلا اتحاد
__________________
(١) وهو ابن سينا انظر : المقالة الخامسة من الفصل السادس من نفس الشفاء (ص ٣٥٨).
(٢) ب : على الاول.
(٣) البحث عن اتحاد العاقل والمعقول بحث انيق عميق ، وقد بحثه العلامة رحمهالله هنا باختصار وتبع الشيخ الرئيس في نفي اتحاد العاقل والمعقول ، وقد نقل الشيخ ان قوما من المتصدرين يقع عندهم ان الجوهر العاقل اذا عقل صورة عقلية صار هو هي ، ثم رد هذا