الخليفة ونودي : لا يبقى ببغداد أحد من العسكر (١).
[دخول الراشد بغداد]
وخرج الراشد فنزل على صرصر ، واستشعر بعض العسكر من بعض ، فخشي زنكي من البازدار والبقش ، فعاد إلى ورائه ، فرجع أكثر العسكر منهزمين ، ودخل الراشد بغداد.
وقيل إنّ مسعودا كاتب زنكي سرّا ، وحلف له أنّه يقرّه على الموصل والشّام ، وكاتب الأمراء أيضا فقال : من قبض منكم على زنكي أو قتله أعطيته بلاده. فعرف زنكي بذلك ، فأشار على الراشد أن يرحل صحبته (٢).
وفي رابع عشر ذي القعدة ركب الخليفة ليلا وسار ، وزنكي قائم ينتظره ، فدخل دار برتقش. ولم ينم النّاس ، وأصبحوا على خوف شديد. وخرج أبو الكرم الوالي يطلب الخليفة فأسر وحمل إلى مسعود ، فأطلقه وأكرمه ، وسلّم إليه بغداد. ورحل الراشد يومئذ ولم يصحبه شيء من آلة السّفر ، لأنّه لمّا بات في دار برتقش أصبحوا ، ودخل خواصّه يصلحون له آلة السّفر ، فرحل على غفلة (٣).
[دخول مسعود بغداد]
ودخل مسعود بغداد ، ونهب دوابّ الجند ، وجاء صافي الخادم فقال : لم يفعل الخليفة صوابا بذهابه ، والسّلطان له على نيّة صالحة. وسكن النّاس. وأظهروا العدل ، واجتمع القضاة والكبار عند السّلطان مسعود ، وقدحوا في الراشد ، وبالغ في ذلك الوزير عليّ بن طراد (٤).
وقيل : بل أخرج السّلطان خطّ الراشد : «إنّي متى جنّدت أو خرجت انعزلت». فشهد العدول أنّ هذا خطّ الخليفة. والقول الأوّل أظهر (٥).
__________________
(١) المنتظم ١٠ / ٥٨ (١٧ / ٣١٠ ، ٣١١).
(٢) زبدة التواريخ ٢١٠.
(٣) المنتظم ١٠ / ٥٩ (١٧ / ٣١١).
(٤) الكامل في التاريخ ١١ / ٤٢ ، تاريخ مختصر الدول ٢٠٥.
(٥) المنتظم ١٠ / ٥٩ (١٧ / ٣١١ ، ٣١٢ ، تاريخ حلب للعظيميّ (بتحقيق زعرور) ٣٨٨ (وتحقيق=