عنها ، ويخلون بنسائنا ، وما لنا قدرة على دفع ذلك.
فقال ابن تومرت : والله ، الموت خير من هذه الحياة. كيف رضيتم بهذا ، وأنتم أضرب خلق الله بالسّيف وأطعنهم بالرّمح؟
قالوا : بالرّغم منّا.
قال : أرأيتم لو أنّ ناصرا نصركم على هؤلاء ، ما كنتم تصنعون؟
قالوا : كنّا نقدّم أنفسنا بين يديه للموت ، فمن هو؟
قال : ضيفكم.
فقالوا : السّمع والطّاعة.
فبايعهم ، ثمّ قال : استعدّوا لحضور هؤلاء بالسّلاح. فإذا جاءوكم فأجروهم على عادتهم ، ثمّ ميلوا عليهم بالخمور ، فإذا سكروا فآذنوني بهم.
فلمّا جاءوهم ففعلوا ذلك بهم وأعلموه ، فأمر بقتالهم ، فلم تمض ساعة من اللّيل حتّى أتوا على آخرهم ، وأفلت منهم واحد ، فلحق بمرّاكش ، فأخبر الملك ، فندم على فوات محمد من يده حيث لا ينفعه النّدم. وجهّز جيشا.
وعرف ابن تومرت أنّه لا بدّ من عسكر يغشاهم. فأمر أهل الجبل بالعقود على أنقاب الوادي ، فلمّا وصلت إليهم الخيل نزلت عليهم الحجارة من جانبني الوادي كالمطر ، ودام القتال إلى اللّيل ، فرجع العسكر ، وأخبروا الملك ، فعلم أنّه لا طاقة لنا بأهل الجبل لتحصّنهم ، فأعرض عنهم.
ثمّ قال ابن تومرت لعبد الله الونشريسيّ : هذا أوان إظهار فضائلك وفصاحتك دفعة واحدة.
ثمّ اتّفقا على أن يصلّي الصّبح ، ويقول بلسان فصيح : إنّي رأيت في النّوم أنّه نزل بي ملكان من السّماء ، وشقّا فؤادي ، وغسّلاه ، وحشياه علما وحكمة.
فلمّا أصبح فعل ذلك ، فدهشوا وعجبوا منه ، وانقادوا إليه كلّ الانقياد. فقال له ابن تومرت : فعجّل لنا البشرى في نفسنا ، وعرّفنا أسعداء نحن أم أشقياء. فقال له : أمّا أنت فإنّك المهديّ القائم بأمر الله ، من تبعك سعد ، ومن خالفك شقي.