سنة سبع عشرة وخمسمائة
[الحرب بين المسترشد ودبيس]
في أوّلها رحل المسترشد بالله ، ثمّ نزل بقرية تعرف بالحديثة من نهر الملك ، وأتاه البرسقيّ وجماعة من الأمراء ، وحلفوا على المناصحة والمبالغة في الحرب.
وقرأ محمد بن عمر الأهوازيّ على المسترشد «جزء ابن عرفة» وهو سائر (١). ثمّ سار إلى النّيل. ورتّب البرسقيّ بنفسه الجيش صفوفا ، فكانوا نحو الفرسخ عرضا ، وجعل بين كلّ صفين مجالا للخيل ، ووقف الخليفة في موكبه من ورائهم ، بحيث يراهم : فرتّب دبيس عسكره صفّا واحدا ، والرّجالة بين يدي الفرسان بالتّراس الكبار ، ووقف في القلب ، ومنّى عسكره ، ووعدهم نهب بغداد.
فلمّا تراءى الجمعان حملت رجّالة دبيس ، وكان قد استصحب معه القيان والمخانيث بالدّفوف والزّمر يحرّضون عسكره ، ولم يسمع في عسكر الخليفة إلّا القرآن والذّكر والدّعاء ، فحمل عنبر الكرديّ على صفّ الخليفة ، فتراجعوا وتأخّروا ، ثمّ جرّد الخليفة سيفه وصعد على تلّ ، فقال عسكر دبيس إن عنبرا (٢) خامر ، فلم يصدّق. فلمّا رأى المهد والعلم والموكب قد صعدوا أيقن غدر عنبر (٢) بن أبي العسكر ، فهرب ووقعت الهزيمة. وعبر دبيس الفرات بفرسه ،
__________________
(١) مرآة الزمان ج ٨ ق ١ / ١٠٩.
(٢) في المنتظم ٩ / ٢٤٢ (١٧ / ٢١٧) : «عنتر بن أبي العسكر» ، وكذا في الكامل ٨٠ / ٦٠٨ ، والتاريخ الباهر ٢٦.