حاجب في عشرة آلاف. ووصل محمود إلى الرّيّ فدخلها ، ثمّ ضجر منها وتقدّم منها ، وجاء إلى خدمته منصور أخو دبيس ، وجماعة أمراء ، وأصبح معه ثلاثون ألفا ، وأقبل سنجر في نحو مائة ألف ، وكانت الوقعة بصحراء ساوة ، وكان مع سنجر خمسة ملوك على خمسة أسرّة وأربعون فيلا ، عليها البركصطوانات (١) والرّايات (٢) والزّينة الباهرة ، وألوف من الباطنيّة ، وألوف من كفّار التّرك ، فلمّا التقوا هبّت ريح سوداء أظلمت الدّنيا ، وأظهر في الجوّ حمرة منكرة ، وآثار مزعجة ، وخاف النّاس ، ثمّ انكشفت الظّلمة واقتتلوا ، فانكسرت ميمنة سنجر ، ثمّ ميسرته ، وثبت هو في القلب والفيل معه ، وكذا بقي محمود في القلب وحده ، وتفرّق أكثر جيشه في النّهب ، فحمل سنجر بالفيلة ، فولّت الخيل منها (٣) ، فتأخّر محمود ولم ينهزم ، فلم يتبعه سنجر لأنّه رأى مجنّبتيه قد انهزموا ، وثقله ينهب ، وكثير من أمرائه قد قتلوا ، ووزيره قد أسر ، ورأى ثبات ابن أخيه ، فأخذ في المخادعة فأرسل إلى ابن أخيه محمود يقول : أنت [ابن] أخي وولدي ، وما أؤاخذك ، إنّك محمول (٤) على ما صنعت ، ولا أؤاخذ أصحابك ، لأنّهم لم يطّلعوا على حسن نيّتي لهم.
فقال محمود : وأنا مملوكه.
ثمّ جاء بنفسه ، وسنجر قد جلس على سرير ، فقبّل الأرض ، فقام له سنجر ، واعتنقه وقبّله ، وأجلسه معه ، وخلع عليه خلعة عظيمة ، كان على سرج فرس الخلعة جوهر بعشرين ألف دينار. وأكل معه ، وخلع على أمرائه. وأفرد له أصبهان يكون حاكما عليها ، وعلى مملكة فارس وخوزستان ، وجعله وليّ عهده ، وزوّجه بابنته (٥).
ثمّ عاد إلى خراسان. ثمّ جاءت رسله بالتّقادم إلى الخليفة (٦).
__________________
(١) البركصطوانات : جمع بركصطوان ، لفظ فارسي معناه الكساء المزركش الّذي تكسى به الخيول والفيلة.
(٢) في الكواكب الدرّية ٨٤ : «البراواب»؟.
(٣) زبدة التواريخ ١٨٢.
(٤) في الكواكب الدرّية ٨٤ تحرّفت إلى : «محمود».
(٥) العبر ٤ / ٢٨ ، مرآة الجنان ٣ / ٢٠٤ ، البداية والنهاية ١٢ / ١٨٢ ، الكواكب الدرّية ٨٤ ، ٨٥.
(٦) المنتظم ٩ / ١٧٢ (١٧ / ٢٠٥) باختصار ، الإنباء في تاريخ الخلفاء ٢١١ ، الكامل في التاريخ=