التعليم ، وذلك في حق آدم عليهالسلام (أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمائِهِمْ) (١) حين كان الأمر على بدء الظهور والكشف فانظر كيف تكون الحال في نهاية الظهور.
وأما إضافتهم إلى جناب القدس فالعبودية الخاصة (قُلْ إِنْ كانَ لِلرَّحْمنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعابِدِينَ) (٢) قولوا إنا عباد مربوبون ، وقولوا في فضلنا ما شئتم : أحق الأسماء لهم وأخص الأحوال بهم (عبده ورسوله) لا جرم كان أخص التعريفات لجلاله تعالى بأشخاصهم : إله إبراهيم ، إله إسماعيل وإسحاق : إله موسى وهارون : إله عيسى : إله محمد ، عليهم الصلاة والسلام. فكما أن من العبودية ما هو عام الإضافة ، ومنها ما هو خاص بالإضافة ، كذلك التعريف إلى الخلق بالإلهية والربوبية ، والتجلي للعباد بالخصوصية منه ما له عموم ـ رب العالمين ـ ومنه ما له خصوص ـ رب موسى وهارون.
فهذه نهاية مذهبي الصابئة والحنفاء ، وفي الفصول التي جرت بين الفريقين فوائد لا تحصى.
وكان في الخاطر بعض زوايا نريد نمليها ، وفي القلب خفايا أكاد أخفيها ، فعدلت عنها إلى ذكر حكم هرمس العظيم ، لا على أنه من جملة فرق الصابئة ، حاشاه ، بل على أن حكمه مما تدل على تقرير مذهب الحنفاء في إثبات الكمال في الأشخاص البشرية ، وإيجاب القول باتباع النواميس الإلهية ، على خلاف مذاهب الصابئة.
حكم هرمس العظيم (٣)
المحمودة آثاره ، المرضية أقواله وأفعاله ، الذي يعد من الأنبياء الكبار ، ويقال هو إدريس النبي عليهالسلام. وهو الذي وضع أسماء البروج والكواكب السيارة
__________________
(١) سورة البقرة : الآية ٣٣.
(٢) سورة الزخرف : الآية ٨١.
(٣) انظر ص ٣٠٨ ج ٢ ، وفيها حديث مطول عن هرمس والكتابات التي نسبت إليه.