الباب الثالث
آراء العرب في الجاهلية
قد ذكرنا في صدر هذا الكتاب أن العرب والهند يتقاربان على مذهب واحد ، وأجملنا القول فيه حيث كانت المقارنة بين الفريقين والمقاربة بين الأمتين مقصورة على اعتبار خواص الأشياء والحكم بأحكام الماهيات. والغالب عليهم الفطرة والطبع. وأن الروم والعجم يتقاربان على مذهب واحد ، حيث كانت المقاربة مقصورة على اعتبار كيفيات الأشياء والحكم بأحكام الطبائع ، والغالب عليهم الاكتساب والجهد.
والآن نذكر أقاويل العرب في الجاهلية ، ونعقبها بذكر أقاويل الهند وبها نختم الكتاب.
* * *
حكم البيت العتيق (١) :
وقبل أن نشرع في ذكر مذاهبهم نريد أن نذكر حكم البيت العتيق حرسه الله ، ونصل بذلك حكم البيوت المبنية في العالم فإن منها ما بني على الدين الحق قبلة للناس ، ومنها ما بني على الرأي الباطل فتنة للناس. وقد ورد في التنزيل : (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبارَكاً وَهُدىً لِلْعالَمِينَ) (٢).
__________________
(١) البيت العتيق : هو الكعبة ، وقيل هو اسم من أسماء مكة. سمي بذلك لعتقه من الجبارين أي لا يتجبرون عنده بل يتذللون ، وقد يكون العتيق بمعنى القديم ، وقد يكون معنى العتيق الكريم. وكل شيء كرم وحسن قيل له عتيق. (معجم البلدان ١ : ٥٢١).
(٢) سورة آل عمران : الآية ٩٦.