وبرز إليهم مسعود صاحب سجلماسة بجيشه ، فحاربوه ، وطالت بينهم الحرب. ثمّ ساروا إلى جبل هناك ، فاجتمع إليهم خلق من كرونة ، فزحفوا إلى سجلماسة وحاربوا مسعود بن واروالي إلى أن قتل ، ودخلوا سجلماسة وملكوها ، فاستخلف عليها أبو بكر بن عمر يوسف بن تاشفين اللّمتونيّ ، أحد بني عمّه ، فأحسن السّيرة في الرعيّة ، ولم يأخذ منهم شيئا سوى الزكاة. وكان فتحها في سنة ثلاث وخمسين وأربعمائة (١).
ورجع أبو بكر إلى الصّحراء فأقام بها مدّة. ثمّ قدم سجلماسة ، فأقام بها سنة وخطب بها لنفسه ، ثمّ استخلف عليها ابن أخيه أبا بكر بن إبراهيم بن عمر ، وجهّز جيشا عليهم يوسف بن تاشفين إلى السّوس فافتتحه (٢).
وكان يوسف ديّنا حازما مجرّبا ، داهية ، سائسا (٣).
وفي سنة اثنتين وستين توفّي أبو بكر بن عمر بالصّحراء ، وتملّك بعده يوسف (٤) ، ولم يختلف عليه اثنان ، وامتدّت أيّامه ، وافتتح الأندلس ، وبقي إلى سنة خمسمائة (٥).
وأوّل من كان فيهم الملك صنهاجة ثمّ كتامة ثمّ لمتونة ، ثم مصمودة ، ثمّ زناتة.
وذكر ابن دريد وغيره أنّ كتامة ، ولمتونة ، ومصمودة ، وهوّارة من حمير ،
__________________
(١) الكامل ٩ / ٦٢١ ، ٦٢٢ ، وفيات الأعيان ٧ / ١٣٠.
(٢) الكامل ٩ / ٦٢٢.
(٣) الكامل ٩ / ٦٢٢.
(٤) الكامل ٩ / ٦٢٢ ، وقال صاحب «المغرب عن سيرة ملك المغرب» : إن أبا بكر بن عمر كان رجلا ساذجا خيّر الطباع مؤثرا لبلاده على بلاد المغرب غير ميّال إلى الرفاهيّة ، وكانت ولاة المغرب من زناتة ضعفاء لم يقاوموا الملثّمين ، فأخذوا البلاد من أيديهم من باب تلمسان إلى ساحل البحر المحيط. فلما حصلت البلاد لأبي بكر بن عمر المذكور سمع أن عجوزا في بلاده ذهبت لها ناقة في غارة فبكت وقالت : ضيّعنا أبو بكر بن عمر بدخوله إلى بلاد المغرب ، فحمله ذلك على أن استخلف على بلاد المغرب رجلا من أصحابه اسمه يوسف بن تاشفين ، ورجع إلى بلاده الجنوبية. (وفيات الأعيان ٧ / ١١٣).
(٥) الكامل في التاريخ ١٠ / ٤١٧ ، وفيات الأعيان ٧ / ١٢٥.