وقال السّلفيّ : سألت أبا غالب شجاعا الذّهليّ ، عن الخطيب فقال : إمام مصنّف حافظ ، لم ندرك مثله (١).
وقال أبو نصر محمد بن سعيد المؤدّب : سمعت أبي يقول : قلت لأبي بكر الخطيب عند لقائي إيّاه : أنت الحافظ أبو بكر؟
فقال : انتهى الحفظ إلى الدّار الدّارقطنيّ ، أنا أحمد بن علي الخطيب (٢).
وقال ابن الآبنوسيّ : كان الحافظ الخطيب يمشي وفي يده جزء يطالعه (٣).
وقال المؤتمن السّاجيّ : كان الخطيب يقول : من صنّف فقد جعل عقله على طبق يعرضه على النّاس (٤).
وقال ابن طاهر في «المنثور» : ثنا مكّيّ بن عبد السّلام الرّميليّ قال : كان سبب خروج أبي بكر الخطيب من دمشق إلى صور أنّه كان يختلف إليه صبيّ مليح ، سمّاه مكّيّ ، فتكلّم النّاس في ذلك. وكان أمير البلد رافضيّا متعصّبا ، فبلغته القصة ، فجعل ذلك سببا للفتك به ، فأمر صاحب شرطته أن يأخذ الخطيب باللّيل ويقتله. وكان صاحب الشّرطة سنيّا ، فقصده تلك اللّيلة مع جماعة ولم يمكنه أن يخالف الأمر فأخذه ، وقال : قد أمرت فيك بكذا وكذا ، ولا أجد لك حيلة إلّا أنّي أعبر بك عند دار الشّريف ابن أبي الجنّ العلويّ (٥) ، فإذا حاذيت الباب اقفز وادخل الدّار ، فإنّي لا أطلبك ، وأرجع إلى الأمير ، فأخبره بالقصّة.
ففعل ذلك ، ودخل دار الشّريف ، فأرسل الأمير إلى الشّريف أن يبعث به ، فقال : أيّها الأمير ، أنت تعرف اعتقادي فيه وفي أمثاله ، وليس في قتله مصلحة.
__________________
(١) تذكرة الحفاظ ٣ / ١١٤١ ، سير أعلام النبلاء ١٨ / ٢٨١.
(٢) تذكرة الحفاظ ٣ / ١١٤١ ، سير أعلام النبلاء ١٨ / ٢٨١.
(٣) المنتظم ٨ / ٢٦٧ (١٦ / ١٣١) ، معجم الأدباء ٤ / ٢٢ ، تذكرة الحفاظ ٣ / ١١٤١ ، سير أعلام النبلاء ١٨ / ٢٨١ ، الوافي بالوفيات ٧ / ١٩٦.
(٤) تذكرة الحفاظ ٣ / ١١٤١ ، سير أعلام النبلاء ١٨ / ٢٨١ ، المستفاد من ذيل تاريخ بغداد ٥٩ ، ٦٠.
(٥) هو الشريف حيدرة بن إبراهيم بن العباس نقيب العلويّين بدمشق ، الّذي قتله أمير الجيوش بعكا سنة ٤٦١ ه. وقد تقدّمت ترجمته في هذه الطبقة برقم (٩).
وتحرّف «ابن أبي الجنّ» إلى «بن أبي الحسن» في : معجم الأدباء ٤ / ٣٥ ، وتذكرة الحفاظ ٣ / ١١٤٢ ، والوافي بالوفيات ٧ / ١٩٥.