فجاء نَصارَى على هذا وان كان غير مستعمل فى الكلام كما جاء مَذاكِيرُ ومَلَامِحُ فى جمع ذَكَرٍ وَلَمْحة وليس بجمع لهما فى الحقيقة وتقديرهما أنهما جمعُ مذْكِيرٍ ومَلْمَحةٍ وان كانا غير مستعملين وقال غير سيبويه نَصارَى جمع نَصْرِىٍّ ونَصْرِيَّةٍ كما أن مَهَارَى من الابل جمع مَهْرِىٍّ ومَهْرِيَّةٍ وأنشد سيبويه فى أن نَصارَى جمعٌ نكرةٌ ليس مثلَ يهودَ ومجوسَ فى التعريف قولَ الشاعر
صَدَّتْ كما صَدَّ عَمَّا لَا يَحِلُّ لَهُ |
|
سَاقِى نَصَارَى قُبَيْلَ الفِصْح صُوَّامِ |
فوصف نَصارِى بِصُوَّام وهو نكرة وقد يقول هم اليهودُ والمَجُوسُ والنَّصارَى وهم يَهُودٌ ومَجُوسٌ كُلُّ ذلك على المعنى ومن هذا الباب الرُّومُ والعُرْبُ والعَربُ والعُجْمُ والعَجَمٌ لانها أسماء فأنثتْ على ذلك وكذلك يَأْجُوجُ ومَأْجُوجُ وقالوا هم الأبْناءُ لأبناءِ فارسَ والنسبُ اليه أبْناوِىٌّ ولم يَرُدُّوه الى واحده لانه غَلَبَ فصار كاسم الواحد كما قالوا فى الانصار أنصارىّ وقالوا أَبناوِىٌّ لانهم توهموه قبيلةً فى حَدِّ النَّسَب
(ومن الانواع) الانُس والجِنُّ مؤنثان وفى التنزيل (قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ) وفيه (تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ) فاما قولهم جِنَّة فقد يكون الجُنُونَ وقد يكون جمعَ جِنٍّ كحِجَارٍ وحِجَارةٍ وقالوا جِنِّىٌّ وجِنٌّ وإنْسِىّ وإنْسٌ على حَدّ زَنْجِىّ وزَنْج والانثى بالهاء
هذا باب تسمية الارضين
اذا كان اسمُ الارضِ على ثلاثة أحرف خفيفة وكان مؤنثا أو كان الغالبَ عليه المؤنثُ كعُمانَ فهو بمنزلة قِدْرٍ وشَمْسٍ ودَعْدٍ* قال سيبويه وبَلغَنَا عن بعض المفسرين أن قوله تبارك وتعالى «اهْبِطُوا مِصْرَ» انما أراد مِصْرَ بعينها* قال أبو على وأبو سعيد اعلم أن تسمية الارضين بمنزلة تسمية الأناسِىّ فما كان منها مؤنثا فسميت باسم فهى بمنزلة امرأة سميت بذلك الاسم وما كان منها مذكرا فهو بمنزلة رجل سمى بذلك الاسم وانما يجعل مؤنثا ومذكرا على تأويل ما تَأَوَّلُ فيه فان تَأوّلْ فيه أنه بلد أو مكان فهو مذكر وقد يغلب فى كلام العرب فى بعض ذلك التأنيثُ حتى لا يستعمل التذكير وفى بعضه يغلب التذكيرُ ويقلُّ فيه استعمالُ التأنيث وفى بعضه يُسْتَعمل التأنيثُ والتذكير وربما كان التأنيثُ الاغلبَ فما غلب فيه التأنيثُ ولم يستعمل فيه