عامٌ قبلَ عامِك وسألته رحمهالله عن قوله زيْدٌ أسْفَلَ منك فقال هذا ظَرْف كأنه قال زيدٌ فى مكانٍ أسفَلَ من مكانِك وفى التنزيل (وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ) ومثلُ الحذفِ فى أوّل لكَثْرة استعمالهم إيَّاه قولُهم لا عَلَيْك فالحذْف فى هذا الموضع كهذا ومثلُه هَلْ لك فى ذلك وألك فى ذلك ولا تذكر له حاجةً ولا هل لك حاجةٌ ونحوُ هذا أكثر من أن يُحْضَى قال الشاعر
يا لَيْتَها كانتْ لِأهْلِى إبِلَا |
|
أو هُزِلَتْ من جَدْبِ عامٍ أوَّلَا |
يكون على الوَصْفِ وعلى الظرْف وهكذا أنشده سيبويه أو هُزِلت فأما الفارسى فأنشده أو سَمِنَت وهذا على الدُّعاءِ لها أو عليها* قال* ومن جعل أوّلاً غير وصْف صَرَفه وقالوا ما تَرَكْتُ له أوَّلا ولا آخِراً كقولك قَدِيما ولا حَدِيثا وأما ما حُكِى من أن بعضَهم قرأ «وقُولُوا للناسِ حُسْنَى» فشاذّ عن الاستعمال والقياس وما كان كذلك لا ينبغى أن يُؤْخَذ به إلا أن يكونَ جعل حُسْنَى مصدَرا كالرُّجْعَى والبُشْرَى* وأفْعَلُ الذى مؤنَّثُه الفُعْلَى يستعمل على ضربين أحدُهما أن يتعَلَّق به مِنْ فاذا كان كذلك كان للمذكر والمؤنَّث والاثنين والجَمِيع على لفظٍ واحدٍ تقول مررت برجُل أفْضَلَ من زيدٍ وبامرأةٍ أفضَلَ من زيدٍ وبرجليْنِ أفضَلَ من زيدٍ وكذلك الجميع وتثِنيَةُ المؤنَّث وجمعُه فاذا دخلت الأَلفُ واللامُ عاقَبَتا مِنْ ولم تجتَمِعْ معهما تقول زيدٌ الأفضَلُ ولا يجوز زيدٌ الأفضلُ من عَمْر ولأن مِنْ انما تدخُل لتُحْدِثَ فيه ضَرْبا من التخصيص فاذا دخلت لامُ التعريفِ جعلت الاسم بحيثُ تُوضَع اليدُ عليه وهذا من حُرِّ العِبارة فلو أُلْحِقَت مِن معها لكان بالنقض للتعرِيف الحادِث باللامِ فأما قول الاعشى
ولَسْتَ بالأكْثَرِ منهم حَصَى |
|
وإنَّما العِزَّةُ للكاثِرِ |
فتَعَلُّق مِن بالأكْثَر ليس على حَدِّ قولك قومُك أكثَرُ من قومِ زيدٍ ولكن على حَدِّ ما يتعَلَّق به الظَّرْف ألا تَرَى تعلُّقَه به فى قول أوْس
فانَّا رَأيْنا العِرْضَ أحْوَجَ ساعةً |
|
الى الصَّوْنِ مِنْ رَيْطٍ يَمَانٍ مُسَهَّمِ |