وقد قصده الشّعراء ومدحوه.
وزر له أبو القاسم الحسين بن عليّ بن المغربيّ صاحب الرسائل ، والدّيوان ، والتّصانيف. وكان وزير خليفة مصر ، فانفصل عنه ، وقدم على نصر الدّولة ، فوزر له مرّتين؟ (١) ووزر له فخر الدّولة أبو نصر بن جهير (٢) ، ثمّ انتقل بعده إلى وزارة بغداد (٣).
ولم يزل على سعادته ووفور حشمته. ولقد أرسل إلى السّلطان طغرلبك تحفا عظيمة ، من جملتها الجبل الياقوت الّذي كان لبني بويه (٤) ، وكان اشتراه من الملك أبي منصور بن جلال الدّولة ، وأرسل معه مائة ألف دينار سوى ذلك.
وكانت رعيّته معه في بلهنية من العيش (٥) ، حتّى أنّ الطّيور كانت تخرج من القرى فتصاد ، فأقر أن يطرح لها القمح من الأهراء ، فكانت في ضيافته طول عمره ، إلى أن توفّي رحمهالله في شوّال ، ودفن بظاهر ميّافارقين. وعاش سبعا وسبعين سنة.
وكانت سلطنته إحدى وخمسين سنة (٦).
__________________
(١) تاريخ ميافارقين ١٢٨ و ١٣٠ و ١٣٨ ، الأعلاق الخطيرة ج ٣ ق ١ / ٣٥٨.
(٢) وهو : محمد بن محمد بن جهير ، وقد استوزره نصر الدولة في سنة ٤٣٠ ه. أو ما يقاربها.
(تاريخ الفارقيّ (١٥).
(٣) تاريخ الفارقيّ ١٨١ ، الأعلاق الخطيرة ج ٣ ق ١ / ٣٧٠.
(٤) قال الفارقيّ : وقصده الملك العزيز بن بويه وحمل له الجبل الياقوت الأحمر الّذي كان عند بني مروان وكان وزنه سبع مثاقيل ، ومصحفا بخطّ أمير المؤمنين عليّ عليهالسلام ، وقال له : قد حملت لك الدنيا والآخرة ، فأجازه بعشرة آلاف دينار. (تاريخ الفارقيّ ١٤٤ ، الأعلاق الخطيرة ج ٣ ق ١ / ٣٥٩ ، ٣٦٠).
(٥) قيل إنه لم يصادر في دولته أحدا سوى شخص واحد. (مرآة الجنان ٣ / ٧٤).
(٦) قيل لندمانه بعد موته : كم كانت دولة نصر الدولة وولايته فقد سمعت أنها كانت ثلاثا وخمسين سنة؟ فقال له ذلك الرجل : ولم لا تقل مائة وست سنين؟ فإن لياليها كانت أحسن من أيامها.
(تاريخ الفارقيّ ١٧٢).
وقيل : وبقي نصر الدولة مالك البلاد ثلاثا وخمسين سنة لم يروعه فيها مروّع ولا عدوّ ولا من أشغل قلبه يوما ، إلّا نوبة بوقا وناصغلي .. وكفيهما وغنم ما كان معهما من غير حرب ولا قتال ، وحصل له الاسم عند الخلفاء وغيرهم من الملوك ، ولم يكن أسعد منه غيره. وصحيح أن غيره من الملوك ملك أكثر منه ، وكان له أكثر من بلاده وارتفاع أمواله ولكن ما تنعّم مثل تنعّمه ولا غيره مثل عيشه ولذّته. (تاريخ الفارقيّ ١٧٦ ، ١٧٧).