وبرز السّلطان إلى خدمته ، وقبّل الأرض ، وهنّأه بالسّلامة ، واعتذر عن تأخّره بعصيان أخيه إبراهيم ينال ، وأنّه قتله عقوبة (١) لما جرى منه من الوهن على الدولة العبّاسيّة وقال : أنا أمضي خلف هذا الكلب ، يعني البساسيريّ ، إلى الشّام. وأفعل في حقّ صاحب مصر ما أجازى به. فقلّده الخليفة بيده سيفا وقال : لم يبق مع أمير المؤمنين من داره سواه ، وقد تبرّك به أمير المؤمنين ، وكشف غشاء الخركاه حتّى رآه الأمراء فخدموه (٢).
ودخل بغداد ، وكان يوما مشهودا. ولكن كان النّاس مشغولين بالغلاء والقحط المفرط (٣).
[مقتل البساسيريّ]
ثمّ جهّز السلطان ألفي فارس عليهم خمارتكين ، وأضاف معهم سرايا بن منيع الخفاجيّ ، فلم يشعر البساسيري ودبيس بن مزيد إلّا والعسكر قد وصل إليهم في ثامن ذي الحجّة. فثبت البساسيريّ والتقاهم بجماعته اليسيرة ، فأسر من أصحابه أبو الفتح بن ورّام ، ومنصور ، وبدران ، وحمّاد ، وبنو دبيس ، وضرب قريش البساسيريّ بنشّابة ، وأراد هو قطع تجفا [ف ...] (٤) الهزيمة فلم ينقطع ، وسقط عن فرسه ، فقلته دوادار عميد الملك ، وحمل رأسه على رمح ، وطيف به ببغداد ، وعلّق قبالة باب النّوبيّ (٥) فلله الحمد.
__________________
(١) زبدة التواريخ لصدر الدين الحسيني ٦١.
(٢) البداية والنهاية ١٢ / ٨٢ ، ٨٣.
(٣) المنتظم ٨ / ٢٠٨ (١٦ / ٥١ ، ٥٢) ، زبدة التواريخ ٦٣.
(٤) إضافة على الأصل ففيه بياض.
(٥) انظر (قتل البساسيري) في :
تاريخ حلب للعظيميّ (تحقيق زعرور) ٣٤٤ ، (تحقيق سويّم) ١٢ ، والمنتظم لابن الجوزي ٨ / ٢١٠ (وطبعة دار الكتب العلمية ١٦ / ٥٤) ، والإنباء في تاريخ الخلفاء لابن العمراني ١٩٦ ـ ١٩٨ ، وتاريخ الزمان لابن العبري ١٠٥ ، وتاريخ مختصر الدول ، له ١٨٤ ، وذيل تاريخ دمشق لابن القلانسي ٩٠ ، وأخبار الدول المنقطعة لابن ظافر الأزدي ٦٨ ، وتاريخ دولة آل سلجوق لابن حامد الأصفهاني باختصار البنداري ٢٠ ، وزبدة التواريخ ٦٣ ، ونهاية الأرب للنويري ٢٣ / ٢٣٤ ، ومختصر التاريخ لابن الكازروني ٢٠٧ ، وخلاصة الذهب المسبوك للإربلي ٢٦٦ ، وزبدة الحلب لابن العديم ١ / ٢٧٥ ، وآثار البلاد وأخبار العباد للقزويني ٤١٨ ، والمختصر في =