قال : الأمير أطال الله بقاءه كالسّيف القاطع ، لان مسّه ، وخشن حدّه ، وكالنّهار الماتع (١) ، قاظ وسطه ، وطاب برده. (خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ) (٢).
فقال له صالح : قد وهبتها لك.
ثمّ قال له : أنشدنا شيئا من شعرك لنرويه.
فأنشده بديها أبياتا فيه ، فترحّل صالح (٣).
وذكر أنّ أبا العلاء كان له مغارة ينزل إليها ويأكل فيها ، ويقول : الأعمى عورة والواجب استتاره في كلّ أحواله. فنزل مرّة وأكل دبسا ، فنقط على صدره منه ولم يشعر ، فلمّا جلس للإقراء قال له بعض الطّلبة : يا سيّدي أكلت دبسا؟ فأسرع بيده إلى صدره يمسحه ، وقال : نعم ، لعن الله النّهم. فاستحسنوا سرعة فهمه (٤).
وكان يعتذر إلى من يرحل إليه من الطّلبة ، فإنّه كان ليس له سعة ، وأهل اليسار بالمعرّة يعرفون بالبخل. وكان يتأوّه من ذلك (٥).
وذكر الباخرزيّ (٦) أبا العلاء فقال : ضرير ما له في الأدب (٧) ضريب ، ومكفوف في قميص الفضل ملفوف ، ومحجوب خصمه الألدّ محجوج. قد طال في ظلّ (٨) الإسلام إناؤه ولكن إنّما (٩) رشح بالإلحاد إناؤه. وعندنا [خبر بصره ،
__________________
(١) في الأصل : «المانع» بالنون. والماتع : المرتفع. يقال : متع النهار : ارتفع قبل الزوال.
(القاموس المحيط).
(٢) سورة الأعراف ، الآية ١٩٩.
(٣) إنباه الرواة ١ / ٥٣ ، ٥٤.
(٤) إنباه الرواة ١ / ٥٥.
(٥) إنباه الرواة ١ / ٥٥.
(٦) في «دمية القصر» ـ تحقيق د. العاني ـ ج ١ / ٢٠١.
(٧) في الأصل : «الأديب» ، وفي «دمية القصر» ١ / ٢٠١ : «في أنواع الأدب».
(٨) في «دمية القصر» ج ١ / ٢٠٢ : «ظلال».
(٩) في «دمية القصر» : «ربّما».