يكن رجع الحاجّ بعد من منى قام رجل فقصد الحجر فضربه ثلاث ضربات بدبّوس وقال : إلى متى يعبد الحجر ولا محمد ولا عليّ؟ فيمنعني محمد ممّا أفعله ، فإنّي أهدم اليوم هذا البيت. فاتّقاه أكثر الحاضرين وكاد يفلت. وكان أحمر أشقر تامّ القامة جسيما ، وكان على باب المسجد عشرة من الفرسان على أن ينصروه ، فاحتسب رجل فوجأه بخنجر وتكاثر عليه النّاس فقتل وأحرق ، وقتل جماعة ممّن اتّهم بمعاونته ومصاحبته ، وأحرقوا بالنّار.
وبانت الفتنة ، فكان الظّاهر من القتلى أكثر من عشرين رجلا غير ما أخفي ، وألحّوا في ذلك اليوم على المصريّين بالنّهب والسّلب. وفي ثاني يوم ماج النّاس واضطربوا.
وقيل : إنّه أخذ من أصحاب الخبيث أربعة اعترفوا بأنّهم مائة بايعوا على ذلك. فضربت أعناق الأربعة.
[تشقّق الحجر الأسود]
وتخشّن وجه الحجر من تلك الضّربات ، وتساقطت منه شظايا مثل الأظفار ، وتشقّق وخرج مكسّره أسمر يضرب إلى صفرة محبّبا مثل الخشخاش.
فأقام الحجر على ذلك يومين ، ثمّ إنّ بني شيبة جمعوا الفتات وعجنوه بالمسك واللّكّ وحشوا الشّقوق وطلوها بطلاء من ذلك.
فهو يتبيّن لمن تأمّله ، وهو على حاله إلى اليوم (١).
__________________
= الكوفيّين» انتخبه الحافظ أبو عبد الله محمد بن علي الصوري ، ـ وهو بتحقيقنا ـ صدر عن : دار الكتاب العربيّ ، بيروت ١٤٠٧ ه. / ١٩٨٧ م.
(١) انظر خبر كسر الحجر الأسود في :
تاريخ الأنطاكي ٣٧٨ ، والمنتظم لابن الجوزي ٨ / ٨ ، ٩ ، والكامل في التاريخ ٩ / ٣٣٢ ، ٣٣٣ (حوادث سنة ٤١٤ ه.) ، وتاريخ حلب للعظيميّ ٣٢٥ ، وتاريخ الزمان لابن العبري ٨١ ، ودول الإسلام للذهبي ١ / ٢٤٦ ، والعبر ، له ٣ / ١١٠ ، ١١١ رقم ٤١٣ ، ومرآة الجنان لليافعي ٣ / ٢٨ ، وتاريخ ابن الوردي ١ / ٣٣٦ ، والبداية والنهاية لابن كثير ١٢ / ١٣ ، ١٤ ، ومآثر الإنافة في معالم الخلافة للقلقشندي ١ / ٣٢٧ ، والنجوم الزاهرة ٤ / ٢٥٠ ، ٢٥١ ، وشفاء الغرام بأخبار البلد الحرام لقاضي مكة المالكي (بتحقيقنا) ج ١ / ٣١٤ ، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي ٣ / ١٩٧ ، ١٩٨.
وانظر : اتّعاظ الحنفا ٢ / ١٣١. حيث يجعل الحادث في سنة ٤١٨ ه.