ولد سنة إحدى وعشرين وثلاثمائة ، ولقي عبد الله بن محمد بن الشّرقيّ ، وأبا حامد بن بلال ، وأبا عليّ الثّقفيّ ، ولم يسمع منهم.
وسمع من : أبي طاهر المحمّداباذيّ ، وأبي بكر القطّان. ولم يظفر بمسموعه منهما.
وتصانيفه المشهورة تطفح بذكر شيوخه.
وقد قرأ القرآن بخراسان والعراق على قرّاء وقته.
وتفقّه على : أبي الوليد حسّان ، والأستاذ أبي سهل. واختصّ بصحبة إمام وقته أبي بكر أحمد بن إسحاق الصّبغيّ ، فكان الإمام يراجعه في السّؤال والجرح والتّعديل والعلل. وأوصى إليه في أمور مدرسته دار السّنّة ، وفوّض إليه تولية أوقافه في ذلك.
وذاكر مثل : الجعابيّ ، وأبي عليّ الماسرجسيّ الحافظ الّذي كان أحفظ زمانه.
وقد شرع الحاكم في التّصنيف سنة سبع وثلاثين ، فاتّفق له من التّصانيف ما لعلّه يبلغ قريبا من ألف جزء من تخريج الصّحيحين ، والعلل ، والتّراجم ، والأبواب ، والشيوخ ، ثمّ المجموعات مثل : «معرفة علوم الحديث» ، و «مستدرك الصّحيحين» ، و «تاريخ النّيسابوريّين» ، وكتاب «مزكّي الأخبار» ، و «المدخل إلى علم الصّحيح» ، وكتاب «الإكليل» ، و «فضائل الشّافعيّ» ، وغير ذلك.
ولقد سمعت مشايخنا يذكرون أيّامه ، ويحكون أنّ مقدّمي عصره مثل الإمام أبي سهل الصّعلوكيّ ، والإمام ابن فورك ، وسائر الأئمّة يقدّمونه على أنفسهم ، ويراعون حقّ فضله ، ويعرفون له الحرمة الأكيدة.
ثمّ أطنب عبد الغافر في نحو ذلك من تعظيمه ، وقال : هذه جمل يسيرة هي غيض من فيض سيره وأحواله. ومن تأمّل كلامه في تصانيفه ، وتصرّفه في أماليه ، ونظره في طرق الحديث أذعن لفضله ، واعترف له بالمزيّة على من تقدّمه ، وإتعابه من بعده ، وتعجيزه اللّاحقين عن بلوغ شأوه. عاش حميدا ، ولم يخلف في وقته مثله.