هرب من بغداد خوفا من عضد الدّولة ، ونزل بنواحي حمص ، فسار إليه ظالم العقيلي من بعلبكّ ليأخذه ، فلم يقدر ، وكاتبوا هفتكين من دمشق ، فقدمها وغلب عليها في سنة أربع وستّين ، وأقام الدّعوة العبّاسية ، وأزال دعوة بني عبيد ، ثم تأهّب لقتالهم وتوجّه في شعبان من السّنة ، فنزل على صيدا ، ودافع جند بني عبيد ، فقتل منهم مقتلة عظيمة ، وأخذ مراكب لهم في ساحل صيدا ، فسار لحربه من مصر جوهر ، فحصّن هو دمشق ، فنازلها جوهر المعزّي بجيوشه في ذي القعدة سنة خمس وستّين ، وحاصرها سبعة أشهر ، ثم ترحّل لمّا بلغه مجيء القرمطيّ من الأحساء ، فسار هفتكين في طلب جوهر ، فأدركه بعسقلان ، فكسر جوهرا وتحصّن جوهر بعسقلان ، فحاصرها هفتكين سنة وثلاثة أشهر ، ثم أمّنه فنزل وراح ، فصادف صاحب مصر العزيز نزارا (١) وقد خرج في جيوشه قاصدا دمشق ، فردّ في خدمته ، فكانوا سبعين ألفا ، فالتقاهم هفتكين وثبت ، ثم انكسر ، وأسروه في أول شعبان سنة ثمان وستّين وحمل إلى مصر ، ثم منّ عليه العزيز وأطلقه ، وصار له موكب ، فخافه الوزير يعقوب بن يوسف بن كلّس فقتله ، دسّ عليه من سقاه السّمّ ، وقيل بل هلك في سنة إحدى وسبعين ، وكان إليه المنتهى في الشّجاعة.
__________________
= اتعاظ الحنفا ١ / ٢٢١ ، زبدة الحلب ١ / ٢٥٢ ، ثمرات الأوراق ٧٩ ، وفيات الأعيان ٤ / ٥٣ ، ٥٤ في ترجمة عضد الدولة ، المختصر في أخبار البشر ٢ / ١١٥ ، سير أعلام النبلاء ١٦ / ٣٠٧ ، ٣٠٨ رقم ٢١٦ ، وقد تحرّف اسمه إلى : «الفتكين» و «أفتكين» و «الفنتكين» و «هفكين».
(١) في الأصل «بزارا».