الحافظ قال : قرأت على القاضي أبي الطّاهر كتاب «العلم» ليوسف بن يعقوب ، فلما فرغ قال : كما قرئ عليك؟ قال : نعم إلا اللّحنة بعد اللّحنة. قلت : أيّها القاضي فسمعته معربا! قال : لا. قلت : هذه بهذه. وقمت من ليلتي ، فجلست عند اليتيم النّحوي.
وقال طلحة بن محمد بن جعفر : استقضى المتّقي لله سنة تسع وعشرين وثلاثمائة أبا طاهر محمد بن أحمد الذّهليّ ، وله أبوّة في القضاء ، سديد المذهب ، متوسّط الفقه ، على مذهب مالك ، وكان له مجلس يجتمع إليه المخالفون ويناظرون بحضرته ، وكان يتوسّط الفقه بينهم ، ويتكلّم بكلام سديد ، ثم صرف بعد أربعة أشهر ، ثم استقضي على الشرقيّة سنة أربع وثلاثين ، وعزل منذ نحو خمسة أشهر (١).
وقال عبد الغني : سألت أبا الطّاهر عن أوّل ولايته القضاء فقال : سنة عشر وثلاثمائة. وقد كان ولي البصرة. وقال لي : كتبت العلم سنة ثمان وثمانين ومائتين ، ولي تسع سنين.
قال : وقرأ القرآن كلّه وله ثمان سنين ، وكان مفوّها حسن البديهة ، شاعرا ، حاضر الحجّة ، علّامة ، عارفا بأيّام النّاس ، غزير الحفظ ، لا يملّه جليسه من حسن حديثه ، وكان كريما ، ولي قضاء مصر سنة ثمان وأربعين وثلاثمائة. وأقام على القضاء ثماني عشرة سنة.
قال الحافظ عبد الغني : وسمعت الوزير أبا الفرج يعقوب بن يوسف يقول : قال لي الأستاذ كافور : اجتمع بالقاضي أبي الطاهر فسلّم عليه ، وقل له : إنّه بلغني أنّك تنبسط مع جلسائك ، وهذا الانبساط يقلّ هيبة الحكم ، فأعلمته بذلك ، فقال لي : قل للأستاذ : لست ذا مال أفيض به على جلسائي ، فلا يكون أقلّ من خلقي ، فأخبرت الأستاذ فقال : لا تعاوده ، فقد وضع القصعة.
قال عبد الغني : سمعت أحمد بن محمد بن سعرة ، أنّه سمع أبا بكر
__________________
(١) تاريخ بغداد ١ / ٣١٣ ، ٣١٤.