بخدمتهم ، واستعمال الأخلاق الجميلة ، والمداومة على الأوراد ، وترك ارتكاب الرّخص (١).
وقال : نهايات الأولياء بدايات الأنبياء.
وقال : المحبّة مجانبة السّلوّ على كل حال ، ثم أنشد :
ومن كان في طول الهوى ذاق سلوة |
|
فإنّي من ليلي بها غير ذائق |
وأكبر شيء نلته وصالها |
|
أمانيّ لم تصدق كلمحة بارق (٢) |
قال السّلمي : كان أبو القاسم النّصراباذي يحمل الدّواة والورق ، وكلّما دخلنا بلدا قال لي : قم حتى نسمع ، وذلك في سنة ستّ وستّين وثلاثمائة ، فلما دخلنا بغداد قال : قم بنا إلى القطيعي ، وكان له ورّاق قد أخذ من الحاجّ شيئا ليقرأ لهم ، فدخلنا ، فأخطأ الورّاق غير مرّة ، والنّصرآباذي يردّ عليه ، وأهل بغداد لا يحملون هذا من الغرباء ، فلما ردّ عليه الثالثة قال : يا رجل إن كنت تحسن تقرأ فتعال ، كالمستهزئ به ، فقام الأستاذ أبو القاسم وقال : تأخّر قليلا ، وأخذ الجزء فقرأ قراءة تحيّر منها القطيعيّ ومن حوله ، فقرأ ثلاثة أجزاء ، وجاء وقت الظّهر ، فسألني الورّاق : من هذا؟ قلت : الأستاذ أبو القاسم النّصراباذي ، فقام وقال : أيّها النّاس ، هذا شيخ خراسان (٣).
قال السّلمي : وقد خرج بنا نستسقي مرّة ، فعمل طعاما كثيرا ، وأطعم الفقراء ، فجاء المطر كأفواه القرب ، وبقيت أنا وهو لا نقدر على المضيء بحال. قال : فأومأ إلى مسجد ، فكان يكفّ ، وكنّا صياما ، فقال : لعلّك جائع؟ تريد أن أطلب لك من الأبواب كسرة؟ قلت : معاذ الله.
وكان يترنّم بهذا :
خرجوا ليستسقوا فقلت لهم : قفوا |
|
دمعي ينوب لكم عن الأنواء |
__________________
(١) قارن الطبقات الأولياء ٢٧.
(٢) القول والبيتان في : طبقات الأولياء ٢٧.
(٣) الرواية باختصار في طبقات الأولياء ٢٨ ، ونتائج الأفكار ٢ / ١٤.