بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
تصدير
بقلم الأستاذ محمد خلف الله أحمد
عضو المجمع
يعد «أبو عمرو الشيبانى» ـ مؤلِّفُ كتاب «الجيم» ـ فى ضليعة الثقات من رواة اللغة والأَدب فى القرن الثانى الهجرى ، وتكثر الإِشارة فى أُمهات المراجع إلى جهده الضخم فى جمع أَشعار ما يزيد على ثمانين من القبائل العربية ، ويَعْقِد له بعضُ العلماءِ المتقدمين لواءَ السبق على معاصريه من أَعلام الرواة «كالأَصْمَعِىّ» و «أَبى عبيدة معمر بن المثنى» فى سعة المحفوظِ والمروِىّ من اللغة وشواهدها.
و «أَبو عمرو» راوية كوفى ، أَخذ اللغة عن العرب مشافهة ، ودخل البادية ، وسمع من أَهلها ، وعنه أَخذ كثير من الرواة الذين عاصروه أَو جاءوا بعده ، وكانت له مشاركة فى رواية الحديث. وقد صنف فى اللغة كتبا كثيرة ، أَشهرها «كتاب الجيم» ، وهو معجم مرتب على حروف الهجاءِ وفْقَ ترتيبها المعروف لنا اليوم ، يغلب على مفرداته طابع البداوة ، ويشيع فيها الغريب ، وأَكثر شواهدها من الأَشعار والأَرجاز والأَمثال. ومما يستلفت النظر فى منهج المصنِّف أَنه كثيرا ما يستطرد فيذكر مع بيت الشاهد أَبياتا تطول أَحيانا ، فيحتاج إلى تفسير ما ورد فيها من الغريب تفسيرا لغوياً. وبذلك يقع الفصل بين تتابع المواد فى بابها ، وتلك واحدة من صعوبات تحقيق هذا المعجم ، ويضاف إِليها أَن المصنِّف لم يلتزم قاعدة معينة لترتيب الأَلفاظ داخل الباب الواحد ، بل كثيرا ما أَوردها دون مراعاة لترتيب الحرف الثانى والثالث من الكلمة.
ومهما يكن من أَمر تلك الصعوبات ـ وقد وقد ناقشها المحقق فى مقدمته ـ فإِن الكتاب يعدّ مرجعا أَصيلا من مراجع اللغة ، وهو يمتاز بثروته الضخمة من الأَلفاظ التى تتصل بحياة البادية ، وبعنايته بلغات العرب ولهجاتها ، وبنسبة هذه اللغات إِلى أَصحابها فى كثير من المواضع