وقال تعالى في حق موسى (لَنْ تَرانِي) (١) ولن للنفي المؤبد وإذا امتنعت الرؤية في حق موسى ع ففي حق غيره أولى وقال تعالى (فَقالُوا أَرِنَا اللهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ) ولو جازت رؤيته لم يستحقوا الذم ولم يوصفوا بالظلم وإذا كانت الضرورة قاضية بحكم ودل محكم القرآن أيضا عليه فقد توافق العقل والنقل على هذا الحكم وقالوا بخلافه وأنكروا ما دلت الضرورة عليه وما قاد القرآن إليه ومن خالف الضرورة والقرآن كيف لا يخالف العلم النظري والأخبار وكيف يجوز تقليده والاعتماد عليه والمصير إلى أقواله وجعله إماما يقتدون به وهل يكون أعمى قلبا ممن يعتقد ذلك وأي ضرورة تقود الإنسان إلى تقليد هؤلاء الذين لم يصدر عنهم شيء من الكرامات ولا ظهر عنهم ملازمة التقوى والانقياد إلى ما دلت الضرورة عليه ونطقت به الآيات القرآنية بل اعتمدوا مخالفة نص الكتاب وارتكاب ضد ما دلت الضرورة عليه ولو جاز ترك إرشاد المقلدين ومنعهم من ارتكاب الخطإ الذي ارتكبه مشايخهم إن أنصفوا لم نطول الكلام بنقل مثل هذه الطامات بل أوجب الله تعالى علينا إهداء العامة بقوله تعالى (وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ) (٢) (فَمَنِ اهْتَدى فَإِنَّما يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّما يَضِلُّ عَلَيْها) (٣).
__________________
(١) الأعراف : ١٤٣. (قالَ لَنْ تَرانِي ، وَلكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكانَهُ فَسَوْفَ تَرانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا ، وَخَرَّ مُوسى صَعِقاً. فَلَمَّا أَفاقَ قالَ : سُبْحانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ ، وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ). وقال في الأنعام : ٤٧ («فَقَدْ سَأَلُوا مُوسى أَكْبَرَ مِنْ ذلِكَ ، فَقالُوا :) (أَرِنَا اللهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ»).
(٢) التوبة : ١٢٢.
(٣) الاسراء : ١٥.