ولو كان القياس مشروعا لما خفي على هؤلاء لأنه من الأحوال العظيمة وما يعم به البلوى.
البحث التاسع في الاستحسان :
ذهبت الإمامية وجماعة تابعوهم إلى المنع من العمل بالاستحسان وخالف فيه الحنفية (١).
وهو خطأ لأن الأحكام خفية على العقلاء والمصالح التي هي عللها خفية أيضا وربما كان الشيء مصلحة عند الله ويخفى عنا وجه المصلحة فيه كعدد الركعات ومقادير الحدود وغير ذلك.
مع أن القول بذلك تقديم بين يدي الله ورسوله وقد قال الله تعالى (لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللهِ وَرَسُولِهِ) (٢).
وحكم بغير ما أنزل الله وقد قال الله تعالى (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ) (٣) وأكد ذلك في آية أخرى بقوله (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) (٤) وأكدهما بآية ثالثة فقال (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ) (٥) كل ذلك لعلمه تعالى بخروج عباده عن طاعته وعدم امتثال أمره (٢)
البحث العاشر في الاجتهاد
ذهبت الإمامية وجماعة تابعوهم إلى أن النبي ص لم يكن متعبدا بالاجتهاد في شيء من الأحكام خلافا للجمهور (٦) لقوله
__________________
(١) الملل والنحل للشهرستاني ج ١ ص ٢٠٧ وجمع الجوامع ج ٢ ص ٣٥٣
(٢) الحجرات : ١
(٣) و (٤) و (٥) المائدة : ٤٤ ، ٤٥ ، ٤٧
(٦) المستصفى ج ٢ ص ١٠٤ وقرره الفضل في المقام.