بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
الحمد لله الذي غرقت في معرفته أفكار العلماء وتحيرت في إدراك ذاته أنظار الفهماء والكملاء والأدباء العقلاء وحسرت عن معرفة كماله عقول الأولياء وقصرت عن وصف هويته ألسنة الفضلاء وعجزت عن تحقيق ماهيته أذهان الأولياء فلم يحصل لأحد منهم غير الصفات والأسماء لا يشبهه (شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ) رافع درجات العلماء إلى ذروة العلى وجاعلهم ورثة الأنبياء ومفضل مدادهم على دماء الشهداء أحمده حمدا يتجاوز عن العد والإحصاء ويرتفع عن التناهي والانقضاء وصلى الله على سيد الأنبياء محمد المصطفى وعلى عترته البررة الأصفياء الأئمة الأتقياء صلاة تملأ أقطار الأرض والسماء. أما بعد فإن الله تعالى حيث حرم في كتابه العزيز كتمان آياته وحظر إخفاء براهينه ودلالاته فقال تعالى (إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلْنا مِنَ الْبَيِّناتِ وَالْهُدى مِنْ بَعْدِ ما بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتابِ أُولئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ) (١) وقال تعالى (إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلَ اللهُ مِنَ الْكِتابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً أُولئِكَ ما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَلا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدى وَالْعَذابَ بِالْمَغْفِرَةِ فَما أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ) (٢).
__________________
(١) و (٢) : البقرة : ١٥٩ و ١٧٤ و ١٧٥.