(عَفَا اللهُ عَمَّا سَلَفَ) سَبَقَ الرَّجُلَانِ وَقَامَ الثَّالِثُ كَالْغُرَابِ هَمُّهُ بَطْنُهُ وَيْلَهُ لَوْ قُصَّ جَنَاحُهُ وَقُطِعَ رَأْسُهُ لَكَانَ خَيْراً لَهُ انْظُرُوا فَإِنْ أَنْكَرْتُمْ فَأَنْكِرُوا وَإِنْ عَرَفْتُمْ فَاعْرِفُوا أَلَا إِنَّ أَبْرَارَ عِتْرَتِي وَأَطَائِبَ أُرُومَتِي أَحْلَمُ النَّاسِ صِغَاراً وَأَعْلَمُهُمْ كِبَاراً أَلَا وَإِنَّا نَحْنُ أَهْلَ الْبَيْتِ مِنْ عِلْمِ اللهِ عَلِمْنَا وَبِحُكْمِ اللهِ حَكَمْنَا مِنْ قَوْلِ صَادِقٍ سَمِعْنَا فَإِنْ تَتَّبِعُوا آثَارَنَا تَهْتَدُوا بِبَصَائِرِنَا مَعَنَا رَايَةُ الْحَقِّ مَنْ تَبِعَهَا لَحِقَ وَمَنْ تَأَخَّرَ عَنْهَا غَرِقَ أَلَا وَبِنَا عِزَّةُ كُلِّ مُؤْمِنٍ وَبِنَا تُخْلَعُ رِبْقَةُ الذُّلِّ مِنْ أَعْنَاقِهِمْ وَبِنَا فَتَحَ اللهُ وَبِنَا خَتَمَ (١)
وَنَقَلَ الْحَسَنُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودِ بْنِ الْعَسْكَرِيِّ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ فِي كِتَابِ مَعَانِي الْأَخْبَارِ بِإِسْنَادِهِ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ ذَكَرْتُ الْخِلَافَةَ عِنْدَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع فَقَالَ وَاللهِ لَقَدْ تَقَمَّصَهَا فُلَانٌ ابْنُ أَبِي قُحَافَةَ وَإِنَّهُ لَيَعْلَمُ أَنَّ مَحَلِّي مِنْهَا مَحَلُّ الْقُطْبِ مِنَ الرَّحَى يَنْحَدِرُ عَنِّي السَّيْلُ وَلَا يَرْقَى إِلَيَّ الطَّيْرُ فَسَدَلْتُ دُونَهَا ثَوْباً وَطَوَيْتُ عَنْهَا كَشْحاً وَطَفِقْتُ أَرْتَئِي بَيْنَ أَنْ أَصُولَ بِيَدٍ جَذَّاءَ أَوْ أَصْبِرَ عَلَى طَخْيَةٍ عَمْيَاءَ يَشِيبُ فِيهَا الصَّغِيرُ وَيَهْرَمُ فِيهَا الْكَبِيرُ وَيَكْدَحُ فِيهَا قَلْبُ الْمُؤْمِنِ حَتَّى يَلْقَى رَبَّهُ فَرَأَيْتُ أَنَّ الصَّبْرَ عَلَى هَاتَا أَحْجَى فَصَبَرْتُ وَفِي الْعَيْنِ قَذًى وَفِي الْحَلْقِ شَجًى أَرَى تُرَاثِي نَهْباً حَتَّى مَضَى الْأَوَّلُ لِسَبِيلِهِ فَأَدْلَى إِلَى فُلَانٍ ابْنِ الْخَطَّابِ بَعْدَهُ ثُمَّ تَمَثَّلَ بِقَوْلِ الْأَعْشَى
شَتَّانَ مَا يَوْمِي عَلَى كُورِهَا |
|
وَيَوْمُ حَيَّانَ أَخِي جَابِرٍ |
فَيَا عَجَباً بَيْنَا هُوَ يَسْتَقِيلُهَا فِي حَيَاتِهِ إِذْ عَقَدَهَا لِآخَرَ بَعْدَ وَفَاتِهِ لَشَدَّ مَا تَشَطَّرَ ضَرْعَيْهَا فَصَيَّرَهَا فِي حَوْزَةٍ خَشْنَاءَ يَغْلُظُ كَلْمُهَا وَيَخْشُنُ مَسُّهَا وَيَكْثُرُ الْعِثَارُ فِيهَا وَالِاعْتِذَارُ مِنْهَا فَصَاحِبُهَا كَرَاكِبِ الصَّعْبَةِ إِنْ أَشْنَقَ لَهَا خَرَمَ وَإِنْ أَسْلَسَ لَهَا تَقَحَّمَ فَمُنِيَ النَّاسُ لَعَمْرُ اللهِ
__________________
(١) رواه في كتابه العقد الفريد ج ٢ ص ١١٣