قَالَ مَرْحَباً بِكِ يَا خَالَةُ قَالَتْ كَيْفَ أَنْتَ يَا ابْنَ أَخِي لَقَدْ كَفَرْتَ النِّعْمَةَ وَأَسَأْتَ لِابْنِ عَمِّكَ الصُّحْبَةَ وَتَسَمَّيْتَ بِغَيْرِ اسْمِكَ وَأَخَذْتَ غَيْرَ حَقِّكَ بِلَا بَلَاءٍ كَانَ مِنْكَ وَلَا مِنْ أَبِيكَ بَعْدَ أَنْ كَفَرْتُمْ بِمَا جَاءَ بِهِ مُحَمَّدٌ ص فَأَتْعَسَ اللهُ مِنْكُمُ الْجُدُودَ وَأَضْرَعَ مِنْكُمْ الْخُدُودَ حَتَّى رَدَّ اللهُ الْحَقَّ إِلَى أَهْلِهِ وَكَانَتْ كَلِمَةُ اللهِ (هِيَ الْعُلْيا) وَنَبِيُّنَا هُوَ الْمَنْصُورُ عَلَى كُلِّ مَنْ نَاوَاهُ (وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) فَكُنَّا أَهْلَ الْبَيْتِ أَعْظَمَ النَّاسِ فِي هَذَا الدِّينِ بَلَاءً وَعَنْ أَهْلِهِ غَنَاءً وَقَدْراً حَتَّى قَبَضَ اللهُ نَبِيَّهُ ص مَغْفُوراً ذَنْبُهُ مَرْفُوعَةً مَنْزِلَتُهُ شَرِيفاً عِنْدَ اللهِ مَرْضِيّاً فَوَثَبَ عَلَيْنَا بَعْدَهُ تَيْمٌ وَعَدِيٌّ وَبَنُو أُمَيَّةَ فَأَنْتَ مِنْهُمْ تُهْدَى بِهُدَاهُمْ وَتُقْصَدُ بِقَصْدِهِمْ فَصِرْنَا فِيكُمْ بِحَمْدِ اللهِ أَهْلَ الْبَيْتِ بِمَنْزِلَةِ قَوْمِ مُوسَى وَآلِ فِرْعَوْنَ يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَهُمْ وَصَارَ سَيِّدُنَا فِيكُمْ بَعْدَ نَبِيِّنَا ص بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى حَيْثُ يَقُولُ (ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكادُوا يَقْتُلُونَنِي) (١) فَلَمْ يُجْمَعْ بَعْدَ رَسُولِ اللهِ ص شَمْلٌ وَلَمْ يُسَهَّلْ وَعْثٌ وَغَايَتُنَا الْجَنَّةُ وَغَايَتُكُمُ النَّارُ.
فَقَالَ لَهَا عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ أَيَّتُهَا الْعَجُوزُ الضَّالَّةُ أَقْصِرِي مِنْ قَوْلِكِ وَغُضِّي مِنْ طَرْفِكِ قَالَتْ مَنْ أَنْتَ قَالَ أَنَا عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ قَالَتْ يَا ابْنَ النَّابِغَةِ ارْبَعْ عَلَى ظَلْعِكَ وَأَهِنْ بِشَأْنِ نَفْسِكَ مَا أَنْتَ مِنْ قُرَيْشٍ فِي لُبَابِ حَسَبِهَا وَلَا صَحِيحِ نَسَبِهَا وَلَقَدِ ادَّعَاكَ خَمْسَةٌ مِنْ قُرَيْشٍ كُلُّهُمْ يَزْعُمُ أَنَّكَ ابْنُهُ وَلَطَالَمَا رَأَيْتُ أُمَّكَ أَيَّامَ مِنًى بِمَكَّةَ تَكْسِبُ الْخَطِيئَةَ وَتَتَّزِنُ الدَّرَاهِمَ مِنْ كُلِّ عَبْدٍ عَاهِرٍ هَائِجٍ وَتَسَافَحُ عَبِيدَنَا فَأَنْتَ بِهِمْ أَلْيَقُ وَهُمْ بِكَ أَشْبَهُ مِنْكَ بِفَرْعِ سَهْمٍ (٢).
والأخبار في ذلك أكثر من أن تحصى ووقائعه الردية أشهر من أن تذكر
__________________
(١) الأعراف : ١٥١
(٢) ومنهم : ابن عبد ربه ، في كتابه العقد الفريد ج ١ ص ١١٦ تحت عنوان : وفود أروى بنت عبد المطلب.