سمعت «المسند» من جدّي في سنة ستّين ، وسنة إحدى وستّين بسامرّاء ، فسمع أبو مسلم الكجّيّ من جدّي ، وبقي عليه شيء سمعه أبو مسلم منّي. ومات جدّي وهو يقرأ عليّ. والّذي سمعت منه مسند العشرة (١) ، وابن عبّاس ، وبعض الموالي ، ولي دون العشر. ولدت في أوّل سنة أربع وخمسين.
قلت : وخلّف له أموالا عظيمة فضيّعها وافتقر.
قال أبو سعد السّمعانيّ في «الأنساب» (٢) : ذكر أبو بكر بن يعقوب قال : لمّا ولدت دخل أبي على أمّي فقال : إنّ المنجمّين قد أخذوا مولد هذا الصّبيّ ، فإذا هو يعيش كذا وكذا. وقد حسبتها أيّاما ، وقد عزمت أن أعدّ لكلّ يوم دينارا ، فإنّ ذلك يكفي المتوسّط. فأعدّ لي حبا (٣) في الأرض وملأه دنانير. ثمّ قال لها :
أعدّي له حبّا آخر. فجعل فيه مثل ذلك استظهارا ، ثمّ استدعى حبّا آخر وملأه ودفنهم.
قال أبو بكر : وما نفعني ذلك مع حوادث الزّمان ، وقد احتجت إلى ما ترون.
قال أبو بكر بن السّقطيّ : رأيناه فقيرا يجيئنا بلا إزار ، ونسمع عليه ويبرّ بالشّيء بعد الشّيء (٤).
قلت : وتوفّي في ربيع الآخر.
أخبرني الحافظ أبو محمد بن عبد المؤمن بن خلف ، أنا يحيى بن أبي السّعود : أخبرتنا شهدة ، أنا أبو عبد الله النّعاليّ ، أنا عبد الواحد بن محمد ، أنا محمد بن أحمد بن يعقوب بن شيبة : ثنا جدّي : سمعت أحمد بن حنبل سئل عن حديث النّبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم في عمّار : «تقتلك الفئة الباغية» (٥). فقال : هو كما قال
__________________
(١) أي العشرة المبشّرين بالجنّة.
(٢) ج ٧ / ٥٩ ، ٦٠.
(٣) الحبّ : بالضم ، الجرّة الضخمة. وفي الأنساب : «جبّا».
(٤) تاريخ بغداد ١ / ٣٧٤ ، ٣٧٥.
(٥) الحديث مشهور ، عن أمّ سلمة ، وأبي هريرة ، وعبد الله بن عمر ، وأبي اليسر ، وحذيفة ، وقال ابن حجر : روى حديث تقتل عمّارا الفئة الباغية جماعة من الصحابة ، منهم : قتادة بن النعمان ، وأم سلمة عند مسلم ، وأبو هريرة عند الترمذي ، وعبد الله بن عمرو بن العاص عند النسائي ، وعثمان بن عفّان ، وحذيفة ، وأبو أيوب ، وأبو رافع ، وخزيمة بن ثابت ، ومعاوية ، وعمرو بن العاص ، وأبو اليسر ، وعمّار نفسه ، وكلها عند الطبراني وغيره ، وغالب طرقها=