أبو نصر التّركيّ الفارابيّ الحكيم. صاحب الفلسفة.
كان بارعا في الكلام والمنطق والموسيقى. وله تصانيف مشهورة ، من ابتغى الهدى منها أضلّه الله.
وبكتبه تخرّج أبو عليّ بن سينا.
قدم أبو نصر بغداد ، فأتقن بها اللّغة ، وأدرك بها متّى بن يونس الفيلسوف المنطقيّ ، فأخذ عنه.
وسار إلى حرّان فلزم يوحنّا بن جيلان النّصرانيّ فأخذ عنه ، وسار إلى دمشق ، وإلى مصر ، ثمّ رجع إلى دمشق. وكان مفرطا في الذّكاء.
وقيل إنّه دخل بدمشق على سيف الدّولة بن حمدان وهو بزيّ التّرك ـ وكان ذلك زيّه دائما. وكان يعرف فيما زعموا ، سبعين لسانا. وكان أبوه قائد جيش فيما بلغنا ـ فقعد في الصّدر وأخذ يتكلّم مع علماء المجلس في كلّ فنّ ، ولم يزل كلامه يعلو وكلامهم يسفل حتّى صمت الكلّ. ثمّ إنّه خلا به ، فإذا به أبرع من يوجد في لعب العود. فأخرج عودا من خريطة ، وركّبه ولعب به ، فضحك كلّ من في المجلس طربا. ثمّ غيّر تركيبه وحرّكه فنام كلّ من في المجلس ، حتّى البوّاب ، فتركهم وراح.
ويقال : إنّ القانون هو أوّل من اخترعه.
وكان منفردا لا يعاشر أحدا ، وكان يقعد بدمشق في المواضع النّزهة ، ويصنّف ويشغل. وقلّما بيّض من تصانيفه.
وسألوه : من أعلم أنت أو أرسطو؟
فقال : لو أدركته لكنت أكبر تلاميذه.
وقد ذكر أبو العبّاس أحمد بن أبي أصيبعة في ترجمة أبي نصر (١) : له شعرا جيّدا ، وأدعية مليحة على اصطلاح الفلاسفة وعباراتهم. وسرد أسماء مصنّفاته ،
__________________
= ٢٣١ ، والعبر ٢ / ٢٥١ ، وتاريخ ابن الوردي ١ / ٢٨٤ ، ٢٨٥ ، والوافي بالوفيات ١ / ١٠٦ ـ ١١٣ ، ومرآة الجنان ٢ / ٣٢٨ ـ ٣٣١ ، والبداية والنهاية ١١ / ٢٢٤ ، والسيف المهنّد ، لبدر الدين العيني ٧٨ ، ٧٩ ، وشذرات الذهب ٢ / ٣٥٠ ـ ٣٥٤ ، وكشف الظنون ٥٢ وغيرها ، وهدية العارفين ٢ / ٣٩ ، وديوان الإسلام ٣ / ٤١٥ ـ ٤١٧ رقم ١٦١٥ ، ومفتاح السعادة ١ / ٢٥٩ ، والأعلام ٧ / ٢٠ ، ومعجم المؤلفين ١١ / ١٩٤.
(١) في : عيون الأنباء ٢ / ١٣٤.