واسمه محمد القائم بأمر الله ، أبو القاسم ابن الملقّب بالمهديّ عبيد الله ، الّذي توثّب على الأمر ، وادّعى أنّه علويّ فاطميّ.
بايع أبا القاسم والده بولاية العهد من بعده بإفريقية ، وجهّزه في جيش عظيم إلى مصر مرّتين ليأخذها. المرّة الأولى في سنة إحدى وثلاثمائة ، فوصل إلى الإسكندريّة ، فملكها وملك الفيّوم ، وصار في يده أكثر خراج مصر ، وضيّق على أهلها.
ثمّ رجع.
ثمّ قدمها في سنة سبع وثلاثمائة ، فنزح عامل المقتدر عن مصر ودخلها.
ثمّ خرج إلى الجيزة في جحفل عظيم ، فبلغ المقتدر ، فجهّز مؤنسا الخادم إلى حربه ، فجدّ في السّير وقدم مصر ، والقائم مالك الجيزة والأشمونين وأكثر بلاد الصّعيد ، فالتقى الجمعان وجرت بينهما حروب لا توصف. ووقع في جيش القائم الوباء والغلاء ، فمات النّاس وخيلهم. فتقهقر إلى إفريقية ، وتبعه عسكر المسلمين إلى أن بعد عنهم ودخل المهديّة ، وهي المدينة الّتي بناها أبوه.
وفي أيّامه خرج عليه أبو يزيد مخلد بن كيداد ، وخرج معه خلق كثير من المسلمين الصّلحاء ابتغاء وجه الله تعالى لما رأوا من إظهاره للبدعة وإماتته للسّنّة. وجرت له مع هؤلاء أمور.
وبخروج هذا الرجل الصّالح وأمثاله على بني عبيد ، أحسنوا السّيرة مع الرعيّة ، وتهذّبوا وطووا ما يرومونه من إظهار مذهبهم الخبيث ، وساسوا ملكهم ، وقنعوا بإظهار الرّفض والتّشيّع.
توفّي القائم بالمهديّة في شوّال سنة أربع هذه ، ومخلد المذكور محاصرا له.
وقيل : إنّ مخلدا كان على رأي الخوارج.
__________________
= ٢ / ٣١٧ ، والبداية والنهاية ١١ / ٢١٠ ، ٢١١ ، والدرّة المضيّة ١١٠ ، وخطط المقريزي ١ / ٣٥١ ، واتعاظ الحنفا ١ / ١٠٧ ـ ٢٢٠ ، ومآثر الإنافة ١ / ٣٠٢ ، وتاريخ ابن خلدون ٤ / ٤٠ ـ ٤٣ ، وعيون الأخبار وفنون الآثار (السبع الخامس) ٢٢٩ ، ٢٣٠ ، والسيف المهنّد للعيني ٢٤٩ ، والنجوم الزاهرة ٣ / ٢٨٧ ، وشذرات الذهب ٢ / ٣٣٧ ، ٣٣٨ ، وأخبار الدول ١٩٠ ، وعقد الجمان (مخطوط) حوادث سنة ٣٣٣ ه.