وقصد توزون الدّار (١) في رمضان ، ووقع الحرب ، وخذله تورتكين ، فانصرف توزون في خلق من الأتراك إلى الموصل. فبعث البريديّ خلفه جيشا ففاتهم. فلمّا وصل توزون إلى الموصل قوي قلب ناصر الدّولة الحسن بن عبد الله بن حمدان ، وعزم على أن ينحدر إلى بغداد بالمتّقي ، فتهيّأ أبو الحسين البريديّ (٢).
وكان لمّا وصل المتّقي وابن رائق تكريت وجدا هناك سيف الدّولة أبا الحسن عليّ بن عبد الله بن حمدان ، وكان ابن رائق قد كتب إلى الحسن بن عبد الله بن حمدان ان يبعث إليه نجدة لقتال البريديّ ، فنفّذ أخاه سيف الدّولة هذا ، فإذا معه الإقامات والميرة ، وسار الكلّ إلى الموصل ، فلم يحضر الحسن ، وتردّدت الرّسل بينه وبين ابن رائق إلى أن توثّق كلّ منهم بالعهود والأيمان. فجاء الحسن واجتمع بابن رائق وبأبي منصور ابن الخليفة في رجب ، وذلك بمخيّم الحسن. فلمّا أراد الانصراف ركب ابن المتّقي وقدّم فرس ابن رائق ليركب ، فتعلّق به الحسن وقال : تقيم اليوم عندي نتحدّث.
فقال : ما يحسن بي أن أتخلّف عن ابن أمير المؤمنين.
فألحّ عليه حتّى استراب محمد بن رائق وجذب كمّه من يده فتخرّق. هذا ورجله في الرّكاب ليركب ، فشبّ به الفرس فوقع ، فصاح الحسن بغلمانه : لا يفوتنّكم ، اقتلوه. فنزلوا عليه بالسّيوف ، فاضطرب أصحابه خارج المخيّم ، وجاء مطر فتفرّقوا ، فدفن وعفي قبره ونهبت داره الّتي بالموصل (٣).
فنقل ابن المحسّن التّنوخيّ ، عن عبد الواحد بن محمد الموصليّ قال :
حدّثني رجل أن النّاس نهبوا دار ابن رائق ، فدخلت فأجد كيسا فيه ألف دينار أو أكثر ، فقلت : إن خرجت به أخذه منّي الجند. فطفت في الدّار فمررت
__________________
(١) أي دار أبي الحسين البريدي ، كما في : تكملة تاريخ الطبري ١ / ١٢٨.
(٢) تكملة تاريخ الطبري ١ / ١٢٨.
(٣) تكملة تاريخ الطبري ١ / ١٢٨ ، تجارب الأمم ٢ / ٢٧ ، ٢٨ ، العيون والحدائق ج ٤ ق ٢ / ١١٨ ، تاريخ الأنطاكي ١٣٨ ، الكامل في التاريخ ٨ / ٣٨٢ ، تاريخ مختصر الدول ١٦٥ ، زبدة الحلب ١ / ١٠٢ ، مختصر التاريخ ١٨٣ ، خلاصة الذهب المسبوك ٢٥٤ ، نهاية الأرب ٢٣ / ١٦٦ ، ١٦٧ ، المختصر في أخبار البشر ٢ / ٨٩ ، دول الإسلام ١ / ٢٠٣ العبر ٢ / ٢٠٠ ، تاريخ ابن الوردي ٢٧٤ ، مآثر الإنافة ١ / ٢٩٥ ، النجوم الزاهرة ٣ / ٢٧٥ ، تاريخ الخلفاء ٣٩٥.