بلاغة ، ولا آخذ بقلوب الخلفاء من محمد بن عليّ. وله بعد هذا كلّه علم بالإعراب وحفظ للّغة.
قلت : روى ابن مقلة عن ثعلب :
إذا ما تعيب النّاس عابوا فأكثروا |
|
عليك وأبدوا منك ما كنت تستر |
فلا تعبن خلقا بما فيك مثله |
|
وكيف يعيب العور من هو أعور |
وقال أبو الفضل بن المأمون : أنشدنا أبو عليّ بن مقلة لنفسه :
إذا أتى الموت لميقاته |
|
فخلّ (١) عن قول الأطبّاء |
وإن مضى من أنت صبّ به |
|
فالصّبر من فعل الألبّاء |
ما مرّ شيء ببني (٢) آدم |
|
أمرّ من فقد الأحبّاء (٣) |
وقال محمد بن إسماعيل الكاتب المعروف بزنجيّ قال : لمّا نكب أبو الحسن بن الفرات أبا عليّ بن مقلة لم أدخل إليه إلى الحبس ولا كاتبته خوفا من ابن الفرات ، فلمّا طال أمره كتب إليّ :
ترى حرّمت كتب الأخلّاء بينهم |
|
أبن لي ، أم القرطاس أصبح غاليا؟ |
فما كان لو ساءلتنا كيف حالنا |
|
وقد دهمتنا نكبة هي ما هيا |
صديقك من راعاك عند مصيبة (٤) |
|
وكلّ تراه في الرّخاء مراعيا |
فهبك عدوّي لا صديقي ، فربّما (٥) |
|
تكاد (٦) الأعادي يرحمون الأعاديا(٧) |
وأنفذ في طيّ الورقة ورقة إلى الوزير ، فكانت :
أمسكت (٨) أطال الله بقاء الوزير ، عن الشّكوى حتّى تناهت البلوى ، في النّفس والمال ، والجسم والحال ، إلى ما فيه شفاء للمنتقم ، وتقويم للمجترم ، وحتّى أفضيت إلى الحيرة والتّبلّد ، وعيالي إلى الهتكة والتّلدّد (٩).
__________________
(١) في المنتظم : «فعد».
(٢) في المنتظم : «من بني».
(٣) المنتظم ٦ / ٣١١.
(٤) في الفخري : «صديقك من راعاك في كل شدّة» ، وفي الفرج بعد الشدّة : «شديدة».
(٥) في الفخري : «فإنني».
(٦) في الفخري : «رأيت».
(٧) الفخري ٢٧١ ، الفرج بعد الشدة ١ / ٣٢٣.
(٨) في الفرج : «أقصرت».
(٩) التلدّد : التلفّت يمينا وشمالا من الحيرة.