[رواية ابن سنان عن القاهر]
وقال ثابت بن سنان : كان أبو عليّ بن مقلة في اختفائه يراسل السّاجيّة والحجريّة ويضربهم على القاهر ويوحشهم منه. وكان الحسن بن هارون كاتب بليق يخرج باللّيل في زيّ المكدّيّين (١) أو النّساء (٢) فيسعى إلى أن اجتمعت كلمتهم على الفتك بالقاهر. وكان يقول لهم : قد بنى (٣) لكم المطامير ليحبسكم. وألزموا منجّم سيما (٤) حتّى كان يقول له : إنّ القاهر يقبض عليك.
وهاجت الحجريّة وقالوا : أتريد أن تحبسنا في المطامير؟
فحلف القاهر أنّه لم يفعل ، وإنّما هذه حمّامات للحرم (٥).
وحضر الوزير ابن خصيب وعيسى المتطبّب عند القاهر ، فقال لسلامة الحاجب : اخرج فاحلف لهم. ففعل ، فسكنوا.
[القبض على القاهر]
ثمّ بكّروا على الشّر إلى دار القاهر ، وكان نائما سكرانا إلى أن طلعت الشّمس ، ونبّهوه فلم ينتبه لشدّة سكره ، وهرب الوزير في زيّ امرأة ، وكذا سلامة الحاجب. فدخلوا بالسّيوف على القاهر ، فأفاق من سكره ، وهرب إلى سطح حمّام فاستتر ، فأتوا مجلس القاهر وفيه عيسى الطّبيب ، وزيرك الخادم ، واختيار القهرمانة ، فسألوهم ، فقالوا : ما نعرف له خبرا. فرسّموا عليهم. ووقع في أيديهم خادم له فضربوه ، فدلّهم عليه ، فجاءوه وهو على السّطح وبيده سيف مسلول ، فقالوا : انزل. فامتنع ، فقالوا : نحن عبيدك فلم تستوحش منّا؟ فلم
__________________
(١) المكدّيّين : من تكدّى تكدّيا : تسوّل وتكلّف التكدية.
(٢) في : تجارب الأمم ٥ / ٢٨٦ : «وهو يتزيّا بزيّ السّؤال ، وفي يده زبيل ، وفي وقت بزيّ النساء» ، وانظر : تاريخ مختصر الدول ١٦١.
(٣) في الأصل : «قد بنا».
(٤) في تجارب الأمم ٥ / ٢٨٦ «منجّم كان لسيما». و «سيما» هو : «سيما المناخلي» كما في كتاب «الأوراق» للصولي ، وهو رئيس السّاجيّة ، كما في نهاية الأرب ٢٣ / ١١٧.
(٥) تجارب الأمم ٥ / ٢٨٧.