النمو ، لما حصل له من التمرن على الإدراكات ، واستحضار صور المدركات ، وكذا عند توالي الأفكار المؤدية إلى العلوم ، مع ضعف الدماغ بكثرة الحركات ، وعند كسر سورة القوى البدنية بالرياضيات.
فلو كان تعقلها بآلات بدنية لكانت تابعة لها في الضعف والكلال.
وثالثها : أنها لو كانت من الماديات ، لوهنت (١) بكثرة الأفعال والحركات ، لأن ذلك شأن (٢) القوى الجسمانية ، بحكم التجربة والقياس أيضا فإن صدور الأفعال عن القوى الجسمانية لا يكون إلا مع انفعال لموضوعاتها ، كتأثر الحواس عن المحسوسات في المدركة ، وكتحرك الأعضاء عند تحريك غيرها في المحركة (٣) ، والانفعال لا يكون إلا عن قاسر (٤) يقهر طبيعة المنفعل ، ويمنعه عن المقاومة فيوهنه ، وهم معترفون بأن الوجوه الثلاثة إقناعية لا برهانية ، لجواز أن تدرك بعض الجسمانيات ذاتها وإدراكاتها من غير توسط آلة ، وكذا لما هو آلة لها في سائر الإدراكات ، وأن يكون كمال القوة الجسمانية العاقلة يتعلق بقدر من الصحة والمزاج يبقى مع ضعف البدن ، أو بعضو لا يلحقه الاختلال ، أو يتأخر اختلاله (٥) ، وأن يكون حالها بخلاف حال سائر القوى في الكلال ، والانفعال.
[قال (الثالث) :
إن القوة العاقلة لو كانت في جسم ، فإما أن يكفي في تعقله حضوره فلا ينقطع ، كتعقل النفس ذاتها (٦) وصفاتها اللازمة ، التي ليست بالمقايسة إلى شيء ، أو لا فلا يحصل أصلا ، لامتناع تعدد الصور لشيء واحد في مادة واحدة ، ومبناه على كون الإدراك بحصول الصورة].
__________________
(١) في (ب) ضعفت بدلا من (وهنت)
(٢) في (أ) بزيادة لفظ (كل)
(٣) سقط من (ب) جملة (في المحركة)
(٤) في (ب) قوى بدلا من (قاسر)
(٥) سقط من (أ) لفظ (اختلاله)
(٦) سقط من (أ) لفظ (ذاتها)