وليس للنفوس السماوية اختلاف أفعال وآلات ، على أنه أيضا موضع نظر لما ذكر في الشفاء. من أن النفس اسم لمبدإ صدور أفاعيل ، ليست على وتيرة واحدة ، عادمة للإرادة. ولا خفاء في أنه معنى شامل لهما (١) صالح لتعريفهما به (٢) على المذهبين ، لأن فعل النفس السماوية أيضا (٣) ، ليس على نهج واحد ، عادم للإرادة ، بل على أنهاج مختلفة على رأي ، وعلى نهج واحد مع الإرادة على الصحيح.
فإن قيل : النفس كما أنها كمال للجسم من حيث أنه بها يتم ويتحصل نوعا كذلك هي صورة له ، من حيث أنها تقارن المادة ، فيحصل جوهر نباتي أو حيواني ، وقوة له من حيث أنها مبدأ صدور أفعاله ، فلم أوثر في تعريفهما الكمال على الصورة والقوة. وما ذكروا من أنا نجد بعض الأجسام يختص بصدور آثار مختلفة عنها ، فيقطع بأن ذلك ليس بجسميته المشتركة ، بل لمبادئ خاصة نسميها نفسا ، ربما يشعر بأن الأولى ذكر القوة.
قلنا : أما إيثاره على الصورة فلأنها بالحقيقة اسم لما يحل المادة ، فلا يتناول النفس الإنسانية المجردة (٤) ، إلا بتجوز أو تجديد (٥) اصطلاح ، ولأنها تقاس إلى المادة ، والكمال إلى النوع. ففي تعريف المعنى الذي به يتحصل الجسم فيصير أحد الأنواع ومصدر الأفعال ، يكون المقيس إلى (٦) أمر هو نفس ذلك المتحصل أولى من المقيس إلى أمر بعيد لا يكون هو معه إلا بالقوة ، ولا ينتسب إليه شيء من الأفاعيل.
هذا ملخص كلام الشفاء. وتقدير الإمام أن المقيس إلى النوع أولى ، لأن ما (٧)
__________________
(١) في (أ) له بدلا من (لهما)
(٢) سقط من (أ) لفظ (به)
(٣) سقط من (أ) لفظ (أيضا)
(٤) سقط من (ب) لفظ (المجردة)
(٥) في (أ) بزيادة لفظ (أو تجديد)
(٦) سقط من (ب) جملة (إلى أمر)
(٧) سقط من (أ) حرف (ما)