قال (وكلامهم متردد)
[في أن هذا التعريف حد أو رسم (١) ، وأبطل الإمام كونه حدا ، بأن ليس الجوهر جنسا له لكونه مفسرا بالموجود لا في موضوع ، والوجود زائد ، بل من المعقولات الثانية ، ولا في موضوع عدمي ، ولأنه لو كان جنسا لكان تمايز الجواهر بفصول ، وهي إما جواهر فيتسلسل أو أعراض فيتقوم مع الجوهر بالعرض ، ولا القابلية وما في معناها بفصل لكونها من الاعتباريات التي لا ثبوت لها في الأعيان ، وإلا لقامت بمحل قابل ، ولزم التسلسل فيما له ترتب ووجود بالفعل ، وهو باطل اتفاقا.
وأجيب : بأن الموجود لا في موضوع رسم للجوهر لا حدّ ، وصدق الجنس على الفصل عرضي لا يفتقر إلى فعل آخر ، وليس الفصل هي القابلية ، بل القابل. أعني الأمر الذي من شأنه القبول ، وكونه في الوجود نفس ذات الجسم غير قادح كما في سائر الفصول].
الظاهر أن التعريف المذكور رسم بالخاصة المركبة إذ على تقدير جنسية الجوهر فالقابل للأبعاد أعم منه من وجه ، ولا كذلك حال الفصل ، ولهذا اتفقوا على أن المركب من أمرين بينهما عموم وخصوص من وجه ماهية اعتبارية. وأيضا تحصل حقيقة الجسم بالأبعاد المفروضة غير معقول. وأما التمسك بأن تركب الجسم إنما هو من الهيولي والصورة لا من الجوهر ، وقابل الأبعاد ليكون التعريف بهما حدا فضعيف لما عرفت من الفرق بين الأجزاء الخارجية والأجزاء العقلية التي هي الذاتيات.
__________________
(١) الحد : منتهى الشيء ويطلق على السطح أو الخط او النقطة التي تفصل بين منطقتين متجاورتين أو على النقطة التي تفصل بين زمانين تقول : حدود الدولة ، وحدود الأزمنة وللحد بحسب هذا التعريف معنى مجازي وهو دلالته على النقطة التي ينتهي عندها امكان الفعل ، تقول : حدود السلطة التنفيذية ، وحدود العلم ، وحدود الصبر.
والرسم عند المنطقيين مقابل للحد وهو قسمان : رسم تام ورسم ناقص ، فالتام ما يتركب من الجنس القريب والخاصة ، كتعريف الانسان بالحيوان الضاحك ، والناقص ما يكون بالخاصة وحدها او بها وبالجنس البعيد كتعريف الإنسان بالضاحك او بالجسم الضاحك والرسم عند الاصوليين أخص من الحد ، لأنه قسم منه ، وعند الصوفية : هو العادة والخلق وصفاته لأن الرسوم هي الآثار وكل ما سوى الله تعالى آثار ناشئة عن أفعاله.