زعما منهم أنها دخان غليظ ، يشتعل بالوصول إلى كرة النار ضعيف لجواز أن يكون لها سبب ، غير ذلك ، سيما على القواعد الإسلامية ، وأن يكون ما يشاهد من الشعل والنيران هواء اشتدت حرارته لا عنصرا برأسه.
الثاني : يبوسة النار بمعنى عسر قبول التشكلات وتركها. فإن الطريق إلى أمثال ذلك هو التجربة والمشاهدة ، ولا مجال لهما في النار الصرفة المحيطة بالهواء على زعمهم ، وأما المخلوطة التي على وجه الأرض فظاهر أنها بخلاف ذلك ، والاستدلال بأن شأن الحرارة إفناء الرطوبات ، والنار الصرفة في غاية الحرارة ، فيلزم أن تكون في غاية اليبوسة ضعيف ، لأن إفناءها للرطوبة الطبيعية المفسرة بسهولة قبول التشكيلات ، وتركها غير مسلم ، بل إنما تعنى البلة والأجزاء المائية وما هو كذلك ، لا يلزم أن يكون يابسا في نفسه كما في الهواء الصرف.
الثالث : حرارة الهواء فإنه لا دليل على إثباتها في الهواء الصرف ، عن انعكاس الأشعة، ألا ترى أنه كلما كان أرفع من الأرض كان أبرد إلى أن يصير زمهريرا. وما يقال إن ذلك بسبب مجاورة الباردين. أعني الماء والأرض مع زوال المانع. أعني انعكاس الأشعة ، فغير مسلّم. وأما الاستدلال بأن النار حارة ، فلو كانت رطبة لكانت هواء ، وبأن الهواء رطب ، فلو كان باردا لكان ماء ففي غاية الضعف لأن الاشتراك في اللوازم ، سيما اللوازم المختلفة بالشدة والضعف المختص بكل من الملزومات ، بعض تلك المختلفات لا يوجب اتحاد الملزومات في الماهية.
[قال (ثم جعلوا)
هذه الأربعة أركان المواليد منها التركيب (١) وإليها التحليل ، لما يشاهد من أنه
__________________
(١) التركيب ضد التحليل وهو تأليف الكل من أجزائه فاذا ركبت الماء من الاوكسجين والهيدروجين كان تركيبك تجريبيا واذا جمعت المبادي البسيطة ، وألفت منها نتائج مركبة كان تركيبك عقليا ، وفي قول (ديكارت) ان أرتب افكاري فأبدأ بأبسط الأمور وأيسرها معرفة ، وأتدرج في الصعود شيئا فشيئا حتى اصل الى معرفة أكثر الأمور تركيبا بل أن أفرض ترتيبا بين الأمور التي يسبق بعضها بعضا بالطبع اشارة الى هذا التركيب العقلي (راجع القاعدة الثالثة من قواعد الطريقة ، مقالة الطريفة ، القسم الثاني ص ١٠٤)