فقال إسحاق بن إسماعيل النّوبختيّ : استرحنا ممّن له أمّ وخالة وحرم ، فنعود إلى تلك الحال؟! وما زال بمؤنس حتّى ثنى رأيه عن ابن المقتدر ، وعدل إلى القاهر محمد. فأحضر محمد بن المكتفي والقاهر محمد ، فقال لمحمد بن المكتفي : تتولّى هذا الأمر؟
فقال : لا حاجة لي فيه ، وعمّي هذا أحقّ به.
فكلّم القاهر فأجاب. فبايعه واستحلفه لنفسه ولبليق ولولده عليّ بن بليق ، ولقّب بالقاهر بالله ، كما لقّب به في سنة سبع عشرة (١).
وكان ربعة ، أسمر ، معتدل الجسم ، أصهب الشّعر ، أقنى الأنف (٢).
[تعذيب أمّ المقتدر وموتها]
وأوّل ما فعل أن صادر آل المقتدر وعذّبهم ، وأحضر أمّ المقتدر وهي مريضة فضربها بيده ضربا مبرّحا ، فلم تظهر من مالها سوى خمسين ألف دينار.
وأحضر القضاة وأشهد عليها ببيع أملاكها بعد أن كشفت وجهها ورأوها ، فلمّا عاينوا ما بها من الضرّ بكوا. وما زال يعذّبها حتّى ماتت معلّقة بحبل (٣).
[تعذيب القهرمانة]
وضرب أمّ موسى القهرمانة وعذّبها ، ووجد عندها أبا العبّاس بن المقتدر فقبض عليه ، وبالغ في الإساءة ، فنفرت القلوب عنه.
__________________
(١) تجارب الأمم ١ / ٢٤٢ ، العيون والحدائق ج ٤ ق ١ / ٣٦٢ ، ٣٦٣ ، الإنباء في تاريخ الخلفاء ١٦١ ، المنتظم ٦ / ٢٤١.
(٢) المنتظم ٦ / ٢٤١ ، وفيه : «طويل الأنف» ، ومثله في : مختصر التاريخ لابن الكازروني ١٧٦ ، وخلاصة الذهب المسبوك ٢٤١ ، وتاريخ الخميس ٢ / ٣٩٠.
(٣) صلة تاريخ الطبري لعريب ١٥٥ ، تكملة تاريخ الطبري للهمداني ٧١ ، ٧٢ ، تجارب الأمم ١ / ٢٤٣ ، ٢٤٤ ، العيون والحدائق ج ٤ ق ١ / ٣٦٤ ، المنتظم ٦ / ٢٥٣ ، ٢٥٤ ، الكامل في التاريخ ٨ / ٢٤٥ ، تاريخ مختصر الدول ١٥٩ ، تاريخ الزمان ٥٤ ، ٥٥ ، الفخري ٢٧٦ ، نهاية الأرب ٢٣ / ١٠٦ ، ١٠٧ ، المختصر في أخبار البشر ٢ / ٧٧ ، العبر ٢ / ١٨٠ ، تاريخ ابن الوردي ١ / ٢٦٣ ، مرآة الجنان ٢ / ٢٧٩ ، ٢٨٠ ، البداية والنهاية ١١ / ١٧١ ، تاريخ ابن خلدون ٣ / ٣٩١ ، النجوم الزاهرة ٣ / ٢٣٩ ، مآثر الإنافة ١ / ٢٨٣ ، تاريخ الخلفاء ٣٨٦ ، أخبار الدول ١٦٧.